لو أعود ثانية إلى الحياة
قبل وفاتها، سألها أحدهم: لو عاد بك الزّمن إلى الماضي، أكنت ستعيشين حياتك كما عشتها؟ وهل كنت ستتّخذين نفس الخيارات؟
وكانت إجابتها بأنّها غير نادمة على أيّ أمر قامت به في حياتها. ولكن!
"لو عادت بي الحياة إلى الماضي، لما كنت سأقضي فترة الحمل بالتّذمّر والشّكوى من الألم والتّعب الجسديّ! بل سأعي بأنّ الحمل هو معجزة إلهيّة... وسأستمتع بفكرة أنّني جزء من هذه المعجزة... وبأنّني وسيلة وسبب لخروج روح جديدة إلى العالم...!
لو عادت بي الحياة إلى الوراء، لن أغلق نوافذ السّيّارة في حرّ الصّيف، ولن أخاف أن يفسد الهواء تسريحة شعري...
سأدعو كلّ أصدقائي إلى منزلي مرّات أكثر من قبل... أستمتع بوجودهم، بالرّغم من الأوساخ الّتي ستفسد أريكتي... وتتلف سجّادتي... وتبعثر منزلي... سأتناول الطّعام في غرفة الجلوس... ولن أكترث إن اتّسخت...
سأستمع إلى أخبار وحكايات جدّي، يخبرني عن طفولته وشبابه ومغامراته وخبراته في الحياة...
لن أترك تلك الشّمعة الغالية الثّمن على المنضدة دون استخدام... بل سأشعلها وأستمتع بنورها ورائحتها المعطّرة...
وأولادي! سألعب معهم على العشب دون اهتمام للبقع الّتي ستلوّث ملابسهم وملابسي... لن أبعدهم عنّي إن ارتموا بحضني وأقول إنّني مشغولة...
لو عادت بي الحياة إلى الوراء، سأضحك أكثر وأذرف دموعًا أقلّ على مشاهد مسلسلات التّلفاز... على قصص لا تخصّني... بل سأحيا واقعي أنا... وأعيشه لحظة بلحظة بدموعه وضحكاته... وعندما أشعر بالتّعب، لن أرهق نفسي بعمل إضافيّ، إنّما سآوي إلى فراشي طلبًا للرّاحة...
وأكثر من هذا... سأعبّر عن مشاعر المحبّة لكلّ من أحبّ... وأعتذر من كلّ شخص أسأت إليه... سأصغي لكلّ من يودّ أن يكلّمني...
لو أعطيت فرصة أخرى في الحياة... سأراها وأدركها... سأحياها... وأتلمّس كلّ لحظة فيها... فالحياة هي الوجود الواعي المدرك... هي فهم الأولويّات... هي القدرة على الفصل بين المهمّ والأهمّ..."
إنّها إيرما بومبيك... كاتبة وصحافيّة أميركيّة شهيرة راحلة...
الحياة, الوعي, الإدراك, الأولويات, إيرما بومبيك, الإستمتاع بالحياة, عيش الواقع, مشاعر المحبة, فرصة أخرى في الحياة
- عدد الزيارات: 1989