ماما ماچي - الأم تيريزا المصرية
إنّها السّيّدة ماجدة جبران أو القِدّيسة ماچي أو الأم تيريزا المصريّة، وهو الإسم الذي يتناسب تمامًا مع مهمّتها…
تلك السّيّدة التي نشأت في مجتمع ثريّ بعيدٍ عن واقع الأحياء الفقيرة في القاهرة، فهي الإبنة الصغرى لفيزيائيّ معروف، وزوجة رجل أعمال ثري، وأستاذة في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة… لكنّ تجربتها الأولى مع "عشوائيّات القاهرة"، وهو حدث سنويّ يقام في عيد الفصح ويهدف إلى توزيع الطّعام واللّباس على العائلات الفقيرة هناك، بَدَّلَ مسارها، فأنهَتْ عملها الأكاديمي وتحوّلت إلى خدمة الفقراء…
بدأت ماما ماچي خدمتها عام ١٩٨٥ حين ذهبت لزيارة حيّ الزّبّالين بالمُقَطَّم، حيث صُدِمت بواقع الفقر والبؤس التي يعيشها الأطفال هناك… وهي تقول بأنّها إستمعَتْ إلى صوت الله يناديها لمساعدة هؤلاء المحتاجين، ويُكلِّفها برفع المعاناة عن أطفال الشّوارع… فقرَّرَتْ أن تنذر نفسها لخدمة الفقراء، وأن تكون باب الأمل لليائسين، وهكذا تَجَنَّدَتْ لمحاربة الفقر والجهل والمرض، وبدأت خدمتها بصمت بعيدًا عن الأضواء، ومتهرِّبة من المديح والثناء، حتى أنَّ نخبة المجتمع ومجموعة المثقّفين لم يسمعوا عنها بتاتاً إلا عندما تمَّ ترشيحها لجائزة نوبل للسّلام…
أمّا ردَّة فعلها عن تلك الجائزة فكانت: "لا يشغلني الفوز بجائزة نوبل وهذا الأمر لا يهمّني… فضحكة طفل هي أهمّ عندي…" لكن أطفال الأحياء الفقيرة فيعرفونها جيدًا، وينتظرون إطلالتها ويرافقونها إلى حيث تغسل أرجلهم ووجوههم بيديها، وتلبسهم الأحذية… وهكذا تعطي ماما ماچي الجميع درسًا عمليًّا في التّواضع والإبتعاد عن كل تكبُّرٍ وغرور…
عام ١٩٨٩ أنشأتْ ماما ماچي جمعية “Stephan's Children” الخيرية، حيث تمكنت من مساعدة نحو ٣٠ ألف أسرة مصرية، وهي في عملها هذا لا تُفَرِّق بين مسيحي ومسلم… وحتى اليوم أسّست ماما ماچي ٩٢ مركزًا من خلال جمعيّتها، وهذه المراكز توفِّر التعليم والرّعاية لأكثر من ١٨ ألف طفل، وهي تسهم في توفير العلاج لأكثر من ٤٠ ألف حالة مَرَضيَّة سنوياً… حتى إنها ذهبت إلى أُسَرِ "شهداء ليبيا" لتمد يدها بالعطاء والخدمة ولتعلِّمهم كيف يحبون الله…
وعندما كرَّمها الرئيس السيسي، صعدت إلى منصَّة التكريم وحرصتْ على إعطائه هدية ألبستها له في يده…
عام ٢٠١٨ فازت ماما ماچي بجائزة "صُنَّاع الأمل" حيث كرَّمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمير دبي، وحصلت على مليون درهم ضمن ٥ فائزين وبمشاركة ٢٢ دولة… أما هي فقد قررت تقديم جزء من هذه الجائزة إلى بعض المرشحين الذين وصلوا إلى التصفيات النهائية، والذين يقومون بأعمال إنسانية رائعة…
وعند إستلامها الجائزة قالت: "إنه تكريم لكل طفل مجروح وجائع للخبز وللحب… لكل مُسِنٍّ مطروح ومتروك… أنا شخصياً لا أستحق أي شيء، لكنني فخورة بتكريم الإنسانية والحب والخير والجمال والحق… إسمحوا لي أن أبارك هذه الأرض الجميلة، وأن أسجد أمام الخالق وأشكره ليبارك كل إنسان…" وهكذا ركَعَتْ ماما ماچي وسجدَتْ على الأرض أمام جميع الحاضرين… وعلا التصفيق ووقف الجميع إحتراماً لهذه الشخصية الفريدة والتي تَصَدَّرَتْ ألمشهد الإنساني وجسَّدَته من خلال تواضعها وتفانيها في خدمة ألإنسانية…
ماما ماچي ننحني لكِ إحتراماً وتقديراً… لكِ منا كل الحب
الخدمة, العطاء, محبة الآخرين, التواضع, الجمعيّات الخيريّة, مساعدة الفقراء, خدمة الآخرين, تعليم الأطفال, جائزة نوبل, الأعمال الإنسانية
- عدد الزيارات: 2145