ليلة في العراء، غيَّرَتْ مجرى حياتها

تلك الليلة تُذَكِّرني بأحلامي وأهدافي... ذلك الحلم الذي راودني حينها، بأن أسعى للحصول على مهنة في عِلْمِ إكتشاف الفضاء...

تجربة قاسية أشعَلَتْ شغفها... ليلة لا تُمحى من ذاكرة طفلة لاجئة قضتْ ليلتها في العراء، حيث عانت من رمالها الملتهبة وصقيع صحرائها، على الحدود بين العراق والكويت...

إنها الباكستانية هبة رحماني، التي إنتقل والداها للعيش في الكويت... تروي هبة قصتها وتقول:

"عند غزو الكويت عام ١٩٩٠، لم يكن أمامنا سوى الهروب، وصلنا إلى المنطقة الفاصلة على الحدود في ساعة متأخرة من الليل، لكن اللاجئين الذين سبقونا حصلوا على خِيَمٍ يمضوا فيها ليلتهم، ولم يبقى لنا خيمة واحدة تقينا برد الصحراء...

بتنا ليلتنا في العراء، ومع أنَّ الظرف كان الأسوأ بالنسبة لنا، لكنني أذكر الشيء الإيجابي الوحيد وهو أنني تَمَتَّعْتُ تلك الليلة بمنظر القمر الذهبي الجميل، والنجوم المتلألئة وهي ترقص في كبد السماء، بينما كُنتُ أُصارع النوم على رمال الصحراء الباردة...

تلك الليلة تُذَكِّرني بأحلامي وأهدافي... ذلك الحلم الذي راودني حينها، بأن أسعى للحصول على مهنة في عِلْمِ اكتشاف الفضاء...

وهكذا بدأ شغف هبة بالنجوم يزداد وحلمها يكبر يوماً فيوماً...

بعد إعلان وقف النار، عادت هبة مع ذويها إلى الكويت، وقد حَدَّدَتْ رؤيتها للمستقبل وحَزَمَتْ أمرها: "سأصبح مهندسة."

عام ٢٠٠٠ حصلَتْ هبة على شهادة ال BA في هندسة الكومبيوتر من إحدى الجامعات في الولايات المتحدة، وباشرتْ العمل كمهندسة في محطة دولية  للفضاء، ومن ثمَّ نالت شهادة الMBA، وحصلت على منصب في وكالة ناسا المتخصصة في مجال الفضاء...

وتقول هبة:

"عندما بدأتُ العمل في وكالة الناسا، أحسستُ بأنني خطوْتُ خطوة أقرب نحو تحقيق حلمي بأن أصبح رائدة فضاء... لدي هذا الإمتياز بأن أعمل مع فريق رائع، بينما أقوم بالعمل الذي أحب..."

وبالإضافة إلى عملها مع الناسا، تشارك رحماني شغفها وحبها للفضاء مع الآخرين... وهي تخبر تلامذة المدارس وتشجع الشباب وخصوصاً الفتيات، على تحقيق هذا الحلم... ولا تنسى هبة في كل مرة أن تذكر وقائع تلك الليلة التي قضتها في صحراء الأردن، والتي ألهمتها وأرشدتها لتسلك هذا الطريق... وهي تقول لهم:

"حافظوا على تركيزكم، ولتكن أحلامكم كبيرة... تستطيعون أن تحققوا أحلامكم مهما تكن كبيرة - لكن إن عملتم بجد... هذا ما علمتني إياه إختباراتي في الحياة..."