سيِّدة المليار شجرة
وانچاري ماثاي... شاركتْ وأعضاء جمعيتها - وجميعهن من النساء - بزرع حزام من الأشجار يُقدَّر ب ٣٠ مليون شجرة حول كينيا.
والهدف من هذا ليس فقط حماية البيئة، بل من أجل إيجاد فرص عمل للنساء الكينيات أيضاً.
سيِّدة وناشطة من خيرة نساء القارَّة الأفريقية، وواجهة إفريقيا الجميلة كما يُقال. هي التي تَحَدَّتْ بصوتٍ عالٍ ودافعتْ عن حقوق الإنسان بصفةٍ عامّة، وعن حقوق المرأة الريفيَّة بصفةٍ خاصة، وعن قضايا البيئة، وهي التي أسَّستْ جمعيَّة ”الحزام الأخضر”.
بدأت مسز ماثاي - كما اعتادوا أن يطلقوا عليها - مشوارها بإطلاق صرخةٍ وجَّهَتها إلى نساء كينيا، للنضال من أجل تنقية الهواء والماء لحماية صحة أبنائنا. وكانت تدفع لهن بضعة قروش لتغرس كل واحدة منهن شجرة، حيث كانت تخطط لمشروع زرع "مليار شجرة" لأنها تعتقد بأن زراعة الأشجار هي زراعةٌ لبذور السلام والأمل.
إهتمامها بالمرأة الريفية دفعها إلى تأسيس جمعيتها، حيث شاركتْ أعضاء هذه الجمعية - وجميعهن من النساء - بزرع حزام من الأشجار يُقدَّر ب ٣٠ مليون شجرة حول كينيا. والهدف من هذا ليس فقط حماية البيئة، بل من أجل إيجاد فرص عمل للنساء الكينيات أيضاً.
كانت السيدة ماثاي سيِّدة متعددة المواهب والثقافات والمناصب، على الصعيد الإجتماعي والسياسي. وكانت ترأس في بلادها الحملات ضد الفساد. وقد تردَّد إسمها عالمياً، وحصلتْ على الإعتراف الدولي بجهودها، وداخل معظم الدول الإفريقية والمنظمات العالمية، مما أكسبها قوَّةً وتمرداً. وقفتْ في مواجهة مع الرئيس الكيني السابق، وأجبرتْ الحكومة على التخلي عن مشروع بناء برج ليكون مقراً للحزب الحاكم، وذلك على حساب مساحات خضراء، فعملت على إقناع المستثمرين بسحب أموالهم، ولم تتنازل أو تتراجع عن قرارها وقالت:
"الضرب والتهديد لن يجبراني على الصمت... لديَّ جلد فيل... لا بد لأحدنا أن يتكلَّم وبصوتٍ عالٍ وقوي..."
فازتْ بمقعد نسائي برلماني عام ٢٠٠٢ في الإنتخابات، وكانت نائبة لوزير البيئة.
نضالها مع نساء كينيا في جمعية "الحزام الإخضر" كان أكثر ما تعتز به ماثاي، وهو ما أقنع لجنة نوبل بأحقيَّتها في الحصول على الجائزة، فكانت أوَّل إمرأة إفريقية تفوز بجائزة نوبل للسلام عام ٢٠٠٤.
تفوُّقها واجتهادها مكَّناها من الحصول على منحة دراسية في إحدى الجامعات الأميركية، حيث حصلَتْ على شهادة الدكتوراه في الطب البيطري، وبذلك تكون أوَّل إمرأة إفريقية تنال هذه الدرجة العلمية وترأس قسم التشريح البيطري بجامعة نيروبي.
عاشت مسز ماثاي طوال عمرها تحمل آلام وأحزان قارَّتها، فكانت تجول في كينيا وأحيائها الشعبية الفقيرة تتحدث إلى أبنائها وتوجه النصيحة لحُكَّام دول القارة بأكملها.
لكن حياتها الخاصة لم تكن سهلة أو سعيدة، مثلها مثل ملايين النساء الأفريقيات اللواتي وقعن ضحيَّة ظلم الرجل الأفريقي... فقد طلَّقها زوجها "موانجي ماثاي" ولم يخجل بأن يعلن سبب طلاقه لها حين قال: "إنها إمرأة قويَّة الشخصية، وتجبر كل من حولها على احترامها..." لكن ماثاي وجدتْ في هذا السبب ظلماً لها، فوجهتْ إنتقادها للقاضي الذي أصدر حكم الطلاق ضدها... وعندما إنتقدته قُبِضَ عليها وأُلقِيَتْ في السجن...
هذه السمراء الجميلة، التي أجبرت العالم على احترامها، والتي ملأت مجتمعها بابتسامتها، ورسمت الأمل لمستقبل أفضل، وصمدت في وجه الظلم والتهديدات والمضايقات، لم تستطع أن تصمد في وجه مرض السرطان، الذي هزمها ونال منها عام ٢٠١١، بعد مسيرة علمية متميِّزة، إتَّسمتْ بالكفاح من أجل بيئة نظيفة وجميلة... ومن أجل إمرأة مُحرَّرَة في ظل المجتمع الإفريقي المتسلِّط والمستبدّ.
المستقبل, الجائزة, البيئة , النضال , كينيا , ناشطة , نوبل
- عدد الزيارات: 1998