Skip to main content

أنت أكثر من سمراء أو شقراء

أنت أكثر من سمراء أو شقراء

هل للجمال لون؟ سمراء أم شقراء؟ "سمراء مثل عمتها!" "شقراء مثل جدتها يا جمالها!"

"لونها من لون الليل"

"عيونها خضراء ما شاء الله"

تستيقظ الطفلة لأصوات تعلو فيها العنصرية المبطنة على أن المرأة الشقراء والبيضاء... أجمل من السمراء...

وهذه الأحكام ليست في الثقافة العربية فقط وإنما منتشرة في الكثير من الشعوب والثقافات. وتجد ماركات بيع كريمات تبييض البشرة أسواق نهمة في بلادنا العربية، والهند والصين وغيرها من البلدان والثقافات. بالإضافة إلى وابل من الإعلانات الملازمة لهذه المستحضرات والتي تملأ التلفاز وغيرها من مجالات الإعلام، والتي بدورها تحاول إقناع المرأة بأن جمالها يزداد مع إزياد بياض بشرتها! ولكن دعونا نسأل أنفسنا هل هذا الحكم على لون البشرة صادق؟  

كلما حكمنا على أنفسنا وعلى غيرنا من منطلق خلقي سواء إيجابا أو سلبا، نجدنا نقع في فخ "تشييء" خليقة الله وتجريدها من القيمة الجوهرية الممنوحة لها من الله.

نحن أكثر بكثير من لون بشرتنا أو لون عيوننا ولكن بعضنا نرفع أيدينا إلى السماء باحتجاج قائلين "لماذا أنا هكذا"! وهل الله يخطيء؟ حاشى!

إذا هل من المعقول أن نقسو على أنفسنا مع يقيننا إننا مخلوقين من قبل إله صالح ومحب؟ هل يعقل بأن يقصد الله أن يمييز بين قيمة الناس حسب لون بشرتهم؟! وهل يعقل أن يخلق الله الناس بلون احسن من لون؟ الجواب المنطقي سيكون "طبعا لا" ولكن في الواقع مشاعرنا قد تقول غير ذلك. لأننا قد نصدق المجتمع أكثر من الله. وحتى أننا أحيانا ننجرف مع التيار ونجدنا مشاركين بالقسوة والظلم تجاه أنفسنا وغيرنا.

 ووراء هذا كله شوق عميق في داخلنا لاْن نكون مرغوبين وجذابين لمن هم حولنا! ولو فكرنا أبعد بقليل من ذلك نجد أنه حتى عندما نمدح شكل من هم بنظرنا "الأجمل" نفعل ذات الشيء بأن نجعل هويتهم في شيئية محدودة.

هل هناك جواب؟

نعم. الإيمان والثقة بأن الله خالق صالح وبارع، وأنا مخلوقة بروعة فائقة وهو لا يضمر لي إلا الخير ومن ثم قبول نفسي كما أنا. أنا أكثر بكثير من لون بشرتي! هذا لا يعني أن أهمل مظهري الخارجي، بل أعتني به. ولكن أتعلم ان أقول لنفسي كل يوم في المرآة بغض النظر عما قد لا يعجني في نفسي:

"أنت محبوبة جدا! ولله قصد أن يخلق كل إنسان بتركيبة وميزة معينة... الله ليس عبثي... الله يعجبه لوني وشكلي. أنا لست شيئا، أنا إنسانة محبوبة من الخالق."

وعندما تترسخ هذه الحقائق في قلوبنا تنبع منَا جاذبية من نوع عميق تفيض منها ملامح لجمال آخَاذ يعطي الحرية لي وللآخرين أن يعيشوا بسلام مع أنفسهم ومن حولهم! 

يقول الملك داود متغنيا بالله في المزمور 139: "أحمدك لأني امتزت عجبا. عجيبة هي أعمالك ونفسي تعرف ذلك يقينا."

المشاعر, الأمل, اللون, المقارنة, العنصرية

  • عدد الزيارات: 3498