لطيفة النادي
أَوَّل فتاة عربية أفريقية تحصل على إجازة الطيران. لطيفة النادي، إسمٌ لَمَعَ في العالم العربي والعالم الغربي على حدٍ سواء.
هذه السيدة المصرية والشخصية المؤثِّرَة، والتي تُعتَبَرُ أوَّل سيِّدة مصرية تقود طائرة بمفردها، وأوَّل إمرأة عربية أفريقية تحصل على إجازة الطيران.
ولدتْ لطيفة النادي عام ١٩٠٧ من والدين مصريين وكان والدها يعمل في المطبعة الأميرية، وكان يرغب في أن تحصل لطيفة على الشهادة الإبتدائية فقط. أما والدتها فقد كانت لديها القناعة بأنَّ تعليم "البنت" ضروري لها. وهكذا التحقتْ لطيفة بالأميريكان كولدج، حيث قرأتْ عن مدرسة الطيران وأحبَّتْ الإلتحاق بها.
وفي حين إهتمَّت لطيفة بموضوع الطيران وأرادت أن تلتحق بمدرسته، رفض والدها ذلك وأبى أن يسمح لها بالإلتحاق بها، وكان السبب الرئيسي لرفضه هذا، هو عدم وجود فتيات في تلك المدرسة.
لكنَّ لطيفة لم تتراجع، وصمَّمتَ على الإلتحاق بتلك المدرسة مهما يكن. وقد عَرَضَتْ الأمر حينها على مدير المدرسة الذي شجَّعها كثيراً، وإتَّفقَ معها على أن يتمّ تعيينها كعاملة هاتف وسكريتيرة، على أن تقوم بتسديد مصاريف مدرسة الطيران من مُرتّب وظيفتها.
وهكذا بدأتْ لطيفة عملها، وكانتْ تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعياً، وبتاريخ ١٩٣٣حصلَتْ لطيفة على إجازة "طيّار". وقد تمكَّنتْ لطيفة من الطيران بمفردها بعد ١٣ ساعة من الطيران المزدوج مع كبير معلمي الطيران بالمدرسة؛ فتعلّمتْ في ٦٧ يوماً، وقد تلقّتْ الصحافة دعوةً لحضور الإختبار العملي لأوَّل "طيارة – كابتن" مصريَّة، وكان ذلك في أكتوبر ١٩٣٣. وبذلك تكون هذه الفتاة الصغيرة الحالِمة، أَوَّل فتاة عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة وهي في عمر ال ٢٦ ربيعاً.
وعندما نشرَتْ الصحف هذا الخبر مع صوَرٍ تمَّ التقاطها لها، جنَّ جنون والدها الذي لم يكن يعلم بدروسها مع عملها... وثار غضبه. ولكي تقوم بإرضاء والدها، إصطحبتْه معها في الطائرة وحلَّقَتْ به فوق القاهرة والأهرامات عدَّة مرات؛ ولما رأى شجاعتها، أصبح من أكبر المُشجِّعين لها.
وتقول لطيفة: "كانت أجمل لحظات عمري، عندما أخذتُ والدي في الطائرة، وقمتُ بجولةٍ معه فوق القاهرة ثمَّ إلى الجيزة والتَفَفْتُ بالطائرة حول الأهرامات وأبي الهول، حيث قام بتشجيعي وإحتضاني لشدَّة شجاعتي."
أما هدى شعراوي الناشطة المصرية في مجال حقوق السيِّدات المصريّات، وأولى من نادَتْ بتحرير "الست المصرية"، فقد ساندَتْها، وتولَّتْ مشروع شراء طائرة خاصة للطيفة، لتكون سفيرةً لبنات مصر في البلاد التي تمرُّ بأجوائها، أو تنزل بها، وتُبَيِّن للجميع مقدرة المرأة المصرية على خوض جميع المجالات.
وهكذا فتحَتْ لطيفة الباب لبنات جنسها لخوض هذه التجربة، فلحِقَتْ بها كثيرات، حتّى أنَّ "ليندا مسعود" أصبحت أوَّل معلِّمة طيران مصرية.
وتوالَتْ إنجازات كابتن لطيفة، أوَّل كابتن طيران مصرية، إلى أن تقاعَدَتْ عن الطيران، وعُيِّنَتْ بمنصب سكرتير عام نادي الطيران المصري، بعد أن ساهمتْ في تأسيسه، وإدارَتْهُ بكفاءة عالية.
أما عن علاقتها بأوَّل طيّارة في العالم، الأميركيَّة "إميليا إيرهارت"، فبالرغم من أنهما لم يلتقيا وجهاً لوجه، لكن صداقة المُراسلات جمَعَتْهما، حيث كانتا تتبادلا الخطابات وتتحدَّثا فيها عن مغامرتهما في رحلات الطائرة.
لطيفة النادي لم تتزوَّج قط، وقد عاشت جزءاً كبيراً من حياتها في سويسرا، حيث مُنِحَتْ الجنسية السويسرية تكريماً لها، وقد توفِّيَتْ عن عمرٍ يناهز ال ٩٥ عاماً في القاهرة سنة ٢٠٠٢.
لطيفة النادي، نذكركِ بفخر، ونعتزُّ بك كامرأة عربية رائدة، لكِ منا كل التقدير!!
- عدد الزيارات: 3500