Skip to main content

الراقصة المبتورة

لم تَمُتُ على الرغم من أنَّ الأطباء يئِسوا من حالتها... ولم تسمح للحياة بأن تدفع بها نحو زاوية الظلام، بعد خطأ من الأطباء بقطع الوريد الحيوي في فخذها الأيسر...

لم تَمُتُ على الرغم من أنَّ الأطباء يئِسوا من حالتها... ولم تسمح للحياة بأن تدفع بها نحو زاوية الظلام، بعد خطأ من الأطباء بقطع الوريد الحيوي في فخذها الأيسر... 

إنَّها Shubhreet Kaur Ghumman  والمعروفة بالراقصة المبتورة، والتي تنتمي إلى الأصول الهنديَّة. 

قد لا تجدين لهذه الفتاة صورةً واحدة على صفحتها على الفيس بوك... إلّا والإبتسامة تعلو وجهها... عيناها تكلِّمانك... كتفاها يرتفعان نحو السماء... وقد تصدمكِ حين ترينها تقف على رِجْلٍ  واحدة، أما الرِجل الأخرى فهي مجرَّد جزء صغير من الفخذ الأعلى. 

لكنَّ الصدمة الثانية التي ستتلقينها هي عندما تبدأ Shubh في الرقص... 

فإبنة السابعة والعشرون ربيعاً قد إختيرت للمشاركة في برنامج " India's Got Talent " ،وهذا الأداء الرائع في الرقص الذي أبكى الحضور ولجنة الحكّام على حدٍّ سواء، فوقف الجميع مصفقين لها بحرارةٍ  وحفاوةٍ لا مثيل لهما. 

تروي Shubh قصتها وتقول: "كان اليوم الأوَّل لي من سنتي الأولى لدراستي الجامعيّٓة في كلِّية التمريض. وفي طريق عودتي إلى المنزل، إنزلقت درّاجتي وفقدتُ السيطرة... تمزَّقت رِجلي اليسرى، وحُمِلتُ إلى المستشفى على وجه السرعة لإجراء ما يلزم... كان ذلك في الخامس من نوڤمبر عام ٢٠٠٩. 

وهناك أشرف على علاجي مجموعةٌ من الأطباء، وقرّروا إجراء عمليَّة جراحية لرِجلي... وعندما باشروا قطعوا —عن طريق الخطأ— الوريد الحيوي لرِجلي، وبدأ النزيف الذي لم يتوقَّف... وإستمرَّ الوضع على حاله وفقدت الوعي، وهنا إضطرٌ الأطباء إلى إخبار والدتي بأنّه لدي ساعات معدودة فقط قبل أن أواجه الموت...

دخلت في غيبوبة لمدَّة ١٢ ساعة لأستفيق وأجد أنني قد فقدتُ رِجلي"...

وتتابع الوالدة " المتميزة " وتقول: " لقد إنتصرت إبنتي على الموت... فعندما أدخلوها إلى غرفة العمليات كُنتُ في سلام، إذ أنها ستخضع لعملية إصلاحٍ لرِجلها المكسورة، وبعدها ستكون على ما يُرام. لكنني كدتِ أموت من الصدمة حين أبلغني الأطباء بأنَّ إبنتي على حافّة الموت... لكنني لم أفقد الأمل... كُنتُ على يقين بأنّها سوف تجتاز هذه المحنة... وبقيتُ أبتسم في وجهها وأطلب منها أن لا تخاف... كُنتُ أشجِّعها طوال الوقت... لم يكن لدي الوقت لكي أغضب على الأطباء وأتشاجر معهم... لو أني فعلْتُ هذا، لفقدْتُ إبنتي... كان هدفي الوحيد أن تبقى إبنتي على قيد الحياة، وأن تقف على رِجلِها مرةً ثانية. ورغم أنَّ المستشفى لم تمنحني وثائق تتعلَّق بحالة إبنتي، إلاّ أنني لم أهتم، وتابعتِ كِفاحي... كان تركيزي مُثبَّتاً على مساعدة إبنتي للنهوض من الفراش، المشي قليلاً، ثم العودة إلى السرير ".

ما قامت به هذه الوالدة هو إنجازٌ عظيم!!! هذه السيِّدة " المتميزة "  التي تبلغ السابعة والخمسين والتي إختبرت مرارة الحياة، بعد رحيل زوجِ مدمنٍ تاركاً لها ثلاثة أولادٍ ومن دون أن يترك وراءه أي مصدرٍ للرزق؛ إلى أقارب لا فائدة منهم، لتأتي هذه الكارثة وتزيد من قسوة الحياة عليها. إلا أنها لم تنحنِ أمام هذه المحنة، بل زادتها صلابةً وتشبّثاً في الحياة.  

وتتابع الصبية " المتميزة " وتقول: " أمي هي مثالي الأعلى... إنها مُلهمتي... كما أنها الحافز الكبير لي لأن أنظر دائماً إلى الأمام بأملٍ كبير".

وتضيف: " شاهدتُ إحدى الراقصات وهي ترقص في عرضٍ  تلفزيوني... فاتّخذتِ قراري... بدأتُ أتدرّٓبُ في البيت... كُنتُ أسقط أرضاً بإستمرار إذ أنني لا أملك التوازن... لكنَّ والدتي بقيَتَ مُلهِمتي... كنتِ أستجمعُ قواي لكي أنهض وأعود إلى التدريب... قمتُ بتمارين كثيرة لأقوّي عضلاتي... أستطيع الآن أن أرقص لمدَّة ثلاث ساعاتٍ متواصلة، وعلى رِجلٍ واحدة... 

إعتاد الناس على الإشفاق عليَّ والتعاطف مع حالتي... لكنني لم أكن أريد ذلك... لا أريد شفقة الناس. لم أستطع أن أُكمِل دراستي في التمريض، لكنني تخصَّصتِ وأصبحتُ بارعة في الماكياج ".

تعيش Shubh حالياً في مومباي حيث تتلقى التدريب الذي سيقودها للإشتراك بالدور النهائي لمسابقة كبرى في الرقص.

ولديها الكثير من المسائل التي تتعلٌق بمستقبلها بعد الإنتهاء من هذا. والمسألة الأكثر أهميَّة بالنسبة لها هي مسألة زواجها. فهي سوف تُقدِمُ على الزواج خلال هذه السنة أيضاً، من الشاب الذي إختارته شريكاً لحياتها. وهي تقول: " أضع كُلَّ شيءٍ بين يدي الله. فالزواج بالنسبة لي مسؤولية كبرى. لا أريد أن أتزوّٓج ليومٍ واحدٍ فقط. أريد أن أتزوَّج من الشاب الذي ليس لديه مشكلة مع رِجلي.

شعاري في الحياة هو: " لا للإستسلام... لا شيء مستحيل ".

وتتابع: " إن حصلَ وفزتُ بهذه الجائزة، سأقوم بإنشاء مدرسة لتعليم الرقص لكلِّ من يريد... وخصوصاً لهؤلاء الأشخاص الذين هم في مثل حالتي وأيضاً الأطفال المحرومين ".

متميزتان... بالفعل... وشكرا... أنتما درسٌ رائعٌ لنا جميعاً!!!

الظلام, السيطرة, الأطباء, Shubhreet Kaur Ghumman, India's Got Talent, الراقصة, الشاب, عمليَّة جراحية, الراقصة المبتورة, Dancing amputated

  • عدد الزيارات: 2744