Skip to main content

رياضية بامتياز!!

كيف يُمْكِنُ للمرأة أينما وُجِدَت أن تتخطى التحيُّز والتعصُّب في سبيل تحقيق الهدف المرجو؟؟ وعندما عبَرْتُ خط النهاية رفعتُ قبضتي في الهواء.... تردِّد بولمرقة. "كان ذلك رمزاً للتاريخ وللتحدّي... كانت يدي تقول: أنا فعلتُ هذا... لقد فزت!!!... لقد صنعتُ التاريخ."

وُلدت حسيبة بولمرقة عام ١٩٦٨ بمدينة قسنطينة في شرق الجزائر. لم تكن قد تخطَّت سن العاشرة بعد حين بدأت مسيرتها الرياضيَّة. وقد تفوَّقت فيما بعد في سباقات الجَري للمسافات المتوسطة والطويلة. وهي التي شاركت بنجاح في مسابقات وطنيَّة وإقليمية، رغم عدم وجود الكثير من المنافسة. وفي عام ١٩٨٨ شاركت حسيبة بولمرقة في أوَّل بطولة دوليَّة كبرى للألعاب الأولمبية الصيفيَّة في سيول.

نجحت بولمرقة في الحصول على لقب "بطلة" على المستوى الأولمبي والعالمي. فهي أوَّل إمرأة عربيَّة تُحرز هذا اللقب، وكان ذلك عندما حقَّقت المركز الأوَّل في بطولة العالم الثالثة لألعاب القوى التي أُقيمت في طوكيو باليابان عام ١٩٩١.

وبالرغم من أنَّ انطلاقتها الرياضيَّة بدأت ببطئ في الجزائر، كانت ترتدي السروال الرياضي الطويل، ورغم أنها عانت صعوبات ومشاكل كانت تحول دون إنتظامها في التدريب بحريَّة كاملة في بلادها، إلا أنها أحرزت الكثير من الإنتصارات الرياضيَّة، وحقَّقت العديد من المراكز المتقدِّمة في سباقات الجَري، وفازت بميداليات كثيرة، منها ميداليتين ذهبيتن في دورة ألعاب البحر المتوسط الحادية عشرة التي أُقيمت عام ١٩٩١ في أثينا باليونان حينما حقَّقت المركز الأوَّل في كلٍ من سباق الجري لمسافة ٨٠٠ م. و١٥٠٠م. 

وتابعت بولمرقة نجاحاتها وحققت المركز الأوَّل حاصدة الميدالية الذهبية أيضاً في برشلونة بأسبانيا عام ١٩٩٢، ومن برشلونة إلى ألمانيا حيث شاركت في بطولة العالم الرابعة لألعاب القوى، ثمَّ إلى ألمانيا ولندن فالسّويد، حيث فازت بالميدالية الذهبية في بطولة كأس العالم الرابعة والخامسة والسابعة في عامي ١٩٩٤ و١٩٩٥.

وفي الترتيب العالمي السنوي للاعبي ألعاب القوى حقَّقت حسيبة بولمرقة المركز الأول في سباق الجري والمركز الثاني للسباق نفسه عام ١٩٩١.

لم تكن هذه الإنجازات بالنسبة لحسيبة بولمرقة إنجازات وإنتصارات لها على الصعيد الفردي فقط، لكنها أظهرت كيف يُمْكِنُ للمرأة أينما وُجِدَت أن تتخطى التحيُّز والتعصُّب في سبيل تحقيق الهدف المرجو.

فقد تلقّٓت حسيبة تهديدات بالقتل في الفترة التي سبقت الألعاب الأولمبيَّة في برشلونة، وتعذَّر عليها ممارسة التمارين الرياضيَّة في بلادها بسبب الخطر الشديد المُحدق بها.

وقد قالت فيما بعد: " في تلك السنة لم أستطع المشاركة بمسابقة واحدة في بلادي "الجزائر". كان ذلك مجرَّد مخاطرة كبيرة جداً. كان الموت يتهددني في أيَّة لحظة."

وقد أُجبِرَت حسيبة على الإنتقال من بلادها إلى برلين لمتابعة تمارينها.

وخلال الأسابيع التي سبقت "ألعاب برشلونة" ضاعفت التركيز على السباق... ووصلت بولمرقة إلى برشلونة قبيل السباق بيوم واحد فقط، وفي اليوم التالي إصطُحِبَتْ إلى الملعب تحت حراسة مسلَّحة.

وبدأ السباق النهائي لل ١٥٠٠م. وحازت بولمرقة على المرتبة الثانية ولكن مع وصولها إلى منتصف اللفة الأخيرة، تخطَّت بولمرقة منافستها بسهولة وفازت على الرياضيَّة السوڤياتية " ليودميلا روغاشيڤا " بفوز مدهش بوصولها إلى خط النهاية.

وعندما عبَرْتُ خط النهاية رفعتُ قبضتي في الهواء تردِّد بولمرقة. "كان ذلك رمزاً للتاريخ وللتحدّي... كانت يدي تقول: أنا فعلتُ هذا... لقد فزت!!! والآن إن قتٓلْتَني... فإنَّ هذا سيكون بعد فوات الأوان... لقد صنعتُ التاريخ."

ولاحقاً... وعندما وقَفَتْ بولمرقة ذلك المساء على المنصّة لكي تتسلَّم أوَّل ميدالية ذهبية أولمبية (جزائرية)، حاولتْ بولمرقة بجهد أن تحبس دموعها.

" حاولتُ أن أمسك نفسي، أن أكون شجاعة " تقول حسيبة، "لكن الدموع إنهمرت للتو. لقد كانت دموع التضحية... لجميع الأشخاص الذين أحببتُهم... وللأشخاص الذين هجرتهم من أجل هذا السباق".

"لقد كان إنتصاراً للمرأة في جميع أنحاء العالم، تقول بولمرقة. "وهذا ما جعلني فخورة جداً".

النجاح, إمرأة, التاريخ, الجزائر, الألعاب, البحر المتوسط, الميدالية, برشلونة, التحدّي, رياضية بأمتياز!!, Sports par excellence!!

  • عدد الزيارات: 2412