معيار الدّولة الصّالحة
الضّمير اليقظ هو ما يصون حقوق النّاس، وهو من يحرس البلدان من دواعي التّفريط والإهمال.
في ظلّ كلّ ما نشهده اليوم من ثورات وانتفاضات في دول مختلفة.. دول عربيّة أو أجنبيّة... نرى الشّعوب تنتفض على أنظمتها وعلى حكّامها... منهم من يريد تغيير النّظام... منهم من يريد تغيير الحاكم... ومنهم من يريد تغيير الإثنين معًا...
إذا فكّرنا في ما وراء هكذا انتفاض يعمّ شوارع البلدان... وتجمّع أكثريّة الشّعوب من مختلف الفئات العمريّة.. صغارًا.. كبارًا.. شباب وعجزة... نجد أنّ السّبب الرّئيسيّ هو الظّلم الّذي يعيشه أفراد هذا البلد أو ذاك... نجد أنّهم أفراد تعرّضوا لذلّ وقهر وعذاب على مرّ السّنوات... وأتى بهم الحال إلى ما نسمّيه بلغتنا "طفح الكيل"... فنزل الشّعب إلى الشّارع يعبّر عن ألامه ومعاناته... ويطالب بالعدل والحرّيّة... وإلى ما هنالك من مطالب تعنيه مباشرة في حياته اليوميّة...
تكثر الآراء حول هكذا تحرّكات... منهم من يدعمونها... ومنهم من يرفضونها ويصفونها بالتّمرّد وعدم الإمتنان لدولتهم... وبينما كنت أتصفّح الآراء المتعدّدة، أتيت على مقال صغير، كتبه القسّ اللّبناني الرّاحل، رجل الله، "غسّان خلف"...
تحت عنوان "متى تكون الدّولة صالحة أو شرّيرة"، قال:
في المعايير الّتي تصف الدّولة بأنّها شرّيرة أو صالحة، يعتمدون على عدّة عوامل مختلفة...
منهم من يتّخذ الفساد مثلًا، فانتشار الفساد أو انحساره في رأيهم هو مقياس الصّلاح أو الشّرّ في الدّولة...
آخرون يعتمدون على تنامي المبادىء الأخلاقيّة أو انهيارها كمقياس آخر، في هذا السّياق يأتي تكاثر أو تراجع أعمال القتل، أو الزّنى أو السّرقة...
ثمّ هناك من يأخذ بعين الإعتبار درجة التّديّن في الدّولة، أيكثر فيها التّديّن أم يقلّ...
مقياس آخر يمكن أن يندرج في التّشدّد عند الحكومة في تطبيق القوانين أو عدم مبالاتها في محاسبة من يخرق هذه القوانين...
برأي القسّ غسّان، كلّ هذه الأمور تحكم على النّتائج لا على النّوايا.. وتتعلّق بمواطني الدّولة وسلوكهم وحساسية ضميرهم، لا بالدّولة كسلطة... فالمقياس الأفضل لتحديد الدّولة ب "صالحة" أو شرّيرة" هو مدى احترامها لضمير رعاياها وحرّيتهم...
وهنا يقول: تكون الدّولة شرّيرة إذا كانت تتسلّط على الضّمير، وتكون صالحة إذا احترمته... تكون شرّيرة إذا اعتبرت مواطنيها عبيدًا أذلًاء، وتكون صالحة إذا اعتبرنهم أحرارًا كرماء...
والدّولة الّتي تستعبد رعاياها وتسوقهم سوق العبيد لا مستقبل لها مهما طال الزّمن... أمّا الدّولة الّتي تتأسّس على على حرّية الضّمير، وإن فسدت، تشفيها الحرّية من فسادها، لأنّ هناك مجالًا لإبداء الرّأي ووصف العلاج بلا خوف...
يمكن القول بأنّ التّاريخ خير شاهد على أنّ التّسلّط على الضّمائر هو أصل كلّ الشّرور... والحرّية هي أمّ الفضائل...
أن يعرف العالم الحرّيّة ويبقي ضميره حيًّا... هذا ما يخلّده ويبقي على دولته... وفي هذا يستشهد بقول السّيّد المسيح في إنجيل يوحنّا 8: 32، "وتعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم"...
الظلم, الشر, الحق, الإستعباد, الحرية, الفساد, التمرد, الصلاح, العدل, الضمير, التدين , التغيير, الفضائل, الثورة, الإنتفاضة, الذل والقهر, معايير الدولة, المبادىء الأخلاقية, تطبيق القوانين, سلطة الدولة, احترام الضمير
- عدد الزيارات: 1435