الصّندوق الفارغ
هل تلقّيت يومًا هديّة... واكتشفت في ما بعد... بأنّها لا تحمل من قيمتها إلّا رياء؟
إعتادت تلك السّيدة أن تقيم ولائمَ كبيرة لله تضامنًا مع الفقراء والأيتام، وتدعو أصدقائها والأثرياء، وتقول دائمًا: "مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ"، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ." أم 19: 17
وفي يوم، بينما كانت تقيم هذا الاحتفال، أتى إليها بعض الفقراء والجياع، يطرقون بابها إلتماسًا لطعام أو غطاء، فنتهرتهم وقالت: بعد الإحتفال... ألا ترون أنّني الآن مشغولة... وعندي ما هو أهمّ...
رحل الفقراء في صمت.. يتضوّرون جوعًا، وكانت هناك سيّدة من بين الأصدقاء تراقب ما يجري، وفي المساء، كان الإحتفال قد بدأ، والمدعوّون قادمون، كلّ منهم يحمل هداياه ويتقدّم بها، ومن بين جموع المعيّدين أتت تلك المرأة والّتي تبدو عليها علامات الثّراء، تحمل بيدها صندوقًا مغلّفًا بألوان جذّابة وأشرطة السّتان المزيّنة بالورود تلتف حول الصّندوق بأناقة ورقيّ، وقد كتبت عليه عبارات الحبّ الّتي تؤثر القلوب، وربّما كان جميع الحضور ينتظرون أن يعلموا... ترى ما الّذي في داخل هذا الصّندوق الكبير!!
ظنّ الجميع أنّها أعظم الهدايا المقدّمة في تلك الحفلة على الإطلاق... وحين انتهى الحفل، فتحتها صاحبة الحفل وحدها لترى ماذا يوجد فيها... فاكتشفت بأنّها فارغة...
وهنا... صُدمت السّيدة، وقالت في نفسها: لم أفهم لماذا فعلت هكذا!! وما قصدها من صندوق مزيّن... فارغ!؟ هل ظنّت بأنّني لن أراها!!
وعلى الفور، اتّصلت بالسّيدة، لتعبّر لها عن مدى استيائها من الأمر، وقالت: لماذا تظاهرتِ بما لم تقومي به؟
لماذا حملتي إليّ الصّندوق!! فارغًا!! أكان يهمّك مظهرك أمام الحضور أكثر من حقيقتك أمامي؟!؟!
هل اعتقدتِ بأنّني لن أراها وأعرف بقدر قيمتي عندك؟!؟!
وهنا صمتت السّيدة لحظة وقالت لها، إنّه فعلًا موقف غير مبرّر، أن أهتمّ بنظرة النّاس إليّ أكثر من إهتمامي بصاحب الحفل، ولكن... أليس هذا تمامًا ما يفعله من ينتهجون الرّوحانيات المفتعلة، وصورة التقوى الزّائفة.
قد يصدّقها النّاس. لكنّها لا تخفى على الله، أليس هذا تمامًا ما فعلتِهِ بحفل الفقراء والأيتام الّذي منعتِ منه الأيتام والفقراء، هل ظننتِ أنّ الله لن يراك؟؟
لا تقدّمي لله هديّة يراها النّاس برّاقة ويعلم الله أنّها فارغة، (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ) النساء 38
الرياء, المساعدة, الفقراء, الصدقة, الإحسان
- عدد الزيارات: 1890