Skip to main content

ذكريات الحرب الأهلية في لبنان...

بينما كنت أتصفح الجريدة الالكترونية للاطلاع على آخر الاخبار في بلدي لبنان لفت نظري عنوان اللقاء الذي نظمه "المركز اللبناني للتربية المدنيــة" وجمعية "على بعد أمتار" و" منتدى خدمة السلام المدني في لبنان" بمناسبة ذكرى الحرب الأهلية في لبنان...

بينما كنت أتصفح الجريدة الالكترونية للاطلاع على آخر الاخبار في بلدي لبنان لفت نظري عنوان اللقاء الذي نظمه "المركز اللبناني للتربية المدنيــة" وجمعية "على بعد أمتار" و" منتدى خدمة السلام المدني في لبنان" بمناسبة ذكرى الحرب الأهلية في لبنان.... عنوان اللقاء:

بناء ذاكرة جماعية للحرب اللبنانية "كي لا تتكرر" قصص وتجارب شخصية لأشخاص عايشوا المرحلة.

عندما قرأت هذا العنوان عادت إلي بعض الذكريات الاليمة أثناء الحرب الأهلية وكما نقول باللبناني"تنذكر ما تنعاد".

أتذكر في إحدى الليالي استيقظت من النوم بعد منتصف الليل على صوت القذائف والمدافع وهي تتساقط على منطقتنا، فقالت المرحومة والدتي: هيا بنا إلى الملجأ، والملجأ عندنا كان الطابق الارضي في البناية المجاورة لأن بيتنا كان مؤلفا من طبقة واحدة... فقمت مسرعة وما إن وصلنا إلى مدخل البناية – الملجأ – حتى سمعنا دوي انفجار كبير... وما هي لحظات حتى امتلأ المكان من الجيران الذين توافدوا إلى الملجأ وسمعتُ احدى الجارات تقول بهمس لمن حولها: لقد سقطت القذيفة على بيت أم ابراهيم (والدتي). في الصباح وبعد أن هدأت المعارك خرجنا من الملجأ لنجد البيت في حالة من الخراب والدمار فشكرنا الله على نجاتنا لانه لو تأخرنا دقيقة واحدة لما نجونا...

أتذكر مرة في يوم الاحد من عام 1985 كانت المعارك قوية والقذائف تتساقط بعشوائية على منطقتنا وكنا في ملجأ الكنيسة فقال لي أحدهم علمت أن إحدى القذائف سقطت على البناية التي فيها مكاتب عملكم... بعد أن هدأت المعارك ذهبت مع بعض الأخوة لمعاينة الوضع فصدمت عندما رأيت المكان، كان خرابا ودمارا بكل معنى الكلمة أكثر من الخراب الذي حصل في منزلنا بكثير لانه تعرص لقذيفة حارقة ولم ينج منه أي شيء... مرة أخرى شكرنا الله نحن فريق العمل لأننا لم نكن في المكتب عندما حصل ما حصل...

بعد أن خسرنا مكاتبنا في هذه المنطقة انتقلنا إلى منطقة اخرى اكثر أمنا وأمانا. إلا ان الطرقات في معظم الأحيان لم تكن آمنة وسالكة فكنت أذهب للعمل يوم الاثنين وأبيت في المكتب إلى يوم الجمعة... أما بقية الموظفين فكانت منازلهم غير بعيدة من المكتب فلم يضطروا للمبيت هناك... وحدث أن اندلعت المعارك في هذه المنطقة التي لم نكن نتوقع أن تحصل فيها أية مشاكل... وليس هذا فقط بل البناية التي فيها مكاتبنا احتلها أحد الفريقين المتصارعين، فأمرونا أن ننزل إلى ملجأ  البناية ونشكر الله أن الملجأ كان كبيرا ومحصنا جدا، فاجتمع فيه كل أهل البناية وابتدأت القذائف والصواريخ تنهمر على البناية ليلا ونهارا وبقينا محجوزين في الملجأ أكثر من اسبوع... وبعد أن توقفت المعارك ذهبنا كل إلى بيته أما سكان البناية فظلوا في الملجأ لان البناية كانت أشبه بالاطلال لم يبق منها إلا العواميد وبعض الجدران المتصدعة... وكل الأصدقاء الذين شاهدوا البناية في نشرات الأخبار لم يُصدقوا أننا سنخرج من هناك أحياء... لكن شكرا لله من أجل حفظه وحمايته لنا إذ رغم الكم الهائل من القذائف والنيران التي أحرقت البناية ومن ضمنها مكاتبنا بكل ما فيها، نشكر الله أن أحدا من السكان لم يُصب بأي أذىً... شكرا لأن إلهنا حي وله في الموت مخارج...

هذا قليل من كثير من الأحداث التي حصلت معي شخصيا خلال الحرب الأهلية في لبنان... صلاتي إلى الله أن يوقف كل الحروب الدائرة في بلادنا العربية لأن الحروب لا تجلب إلا الموت والخراب والدمار على النفوس البشرية قبل المباني الحجرية...

الحرب, الذاكرة, لبنان, الملجأ, الدمار, الخراب, الذكريات, lebanon war memories

  • عدد الزيارات: 3003