إعتذروا يا قوم...
فالأشخاص الذين لا يقدِّمون الإعتذار، يخشون من أنَّ... إعتذروا أيها الناس... فالإعتذار أمرٌ جيِّدٌ ومفيد...
نعم، فقد نكون قد جرَّبنا الإعتذار في الماضي، لكن التبرير والإعتذار هما أمران أكثر تعقيداً في الميل نحو تحقيقهما.
إنَّ المُكوِّنات الحاسمة التي يتطلَّبها كل إعتذار فعّال - والتي يفتقد لها معظم الإعتذارات النموذجيَّة - هو "بيان التعاطف" أو بتعبيرٍ آخر، "بيان معرفة الغير."...
وهذا يعني أن الإعتذار المُقَدَّم من المُخطيء ينبغي أن يرتكز بشكلٍ أقلّ على التفسير والتبرير لِما فعله المُخطيء، ويُرَكِّزُ بشكلٍ أكبر حول كيفيَّة أفعاله (أو عَدَمها)، ومدى آثارها ومفعولها على الشخص الآخر.
ولماذا الإعتذار؟؟ إنه لأجل إستعادة كرامة الشخص المُساء إليه. وكشخصٍ ناضج، عليك تحمُّل مسؤولية أفعالك. فالإعتذار يجلب الراحة لكلا الطرفين.
كما أنَّ الإعتذار يساعد في إستعادة سلامة ونزاهة الشخص المُعتَذِر. وهو يلعب دوراً مهماً في الحدِّ من التوتُّر.
وهذا يتطلَّب الشجاعة...
وهناك عنصران للإعتذار:
1. الندم على أفعالي...
وهذا يتضمَّن الإعتراف بما سبَّبْتَه من إساءةٍ وأَلَمٍ للشخص الآخر.
2. كيفيَّة تقديم الإعتذار
التعبير كَمْ أنا آسف... "أنا أعتذر لأني..."
الإعترِافْ بمسؤوليَّتي... "لقد كُنْتُ على خطأ عندما عامْلْتُك بهذه الطريقة..."
التَعاطَفْ مع الشخص الذي سَبَّبْتَ له جرحاً... "لقد آذيْتُ مشاعرك..."
أَصْلِاحْ الحال... إما باستعادة السيطرة على كلماتي / أفعالي... أو المبادِرة بالسؤال: "كيف أستطيع أن أُصلِحَ هذا...؟"
تقدِّيم الوعد والعَهْد بأنَّ هذا لن يحدُثَ مرَّةً أُخرى - لكي تُطَمْئِنَ الشخص الآخر، فَيُعيدُ بناء الثقة ويعمل على إعادة إصلاح العلاقة.
وفيما يعتبر معظمنا أنَّ الإعتذار هو مناسبة لحل الخلاف الشخصي، فإنَّ الأشخاص الذين لا يُقدِّمون الإعتذار يخافون من أنَّ إعتذارهم سيؤدي إلى فَتْحِ بوابة الفيضان، وإلى مَزيدٍ من الإتهامات والصراع. وإنهم بمجرَّد اعترافهم بخطأ واحدٍ، فإنَّ الشخص الآخر وبكل تأكيد سوف يغتنم الفرصة لكي يجمع كل تراكمات الإساءات الماضية التي سَبَقَ ورَفَضَ الإعتذار عنها أيضاً.
فالأشخاص الذين لا يقدِّمون الإعتذار، يخشون من أنَّ تقديم إعتذارهم سوف يقودهم لتحمّل المسؤولية الكاملة، وتبرير الطرف الآخر من أي ذنب - إن كانت مُجادلة مع الزوج مثلاً، فقد يخشون من أنَّ الإعتذار سوف يعفي الطرف الآخر من أي مَلامَة، على الرغم من حقيقة أنَّ كُلاً من الزوجين يتحمَّل على الأقل بعض المسؤولية في معظم الخلافات.
وفي حال الرفض التام لتقديم الإعتذار... فإنَّ هؤلاء الذين لا يقدِّمون الإعتذار يحاولون ترويض عواطفهم. فحالة الغضب التي يعيشونها تجلب لهم الراحة، كما أنَّ الهَيجان المُفرِط، يجعل منهم أشخاصاً شديدوا التأثُّر ومُتَوَعِّدون للغاية. وهم يخشون من أنَّ خَفْض "الحماية" ولو قليلاً، سوف يُفَتِّت دفاعهم النفسي، ويفتح الباب أمام كَمٍّ من الحزن واليأس، الأمر الذي من شأنه أن يستنفذ قواهم لدرجة أنهم لا يستطيعون السيطرة على الوضع...
وقد يكون هؤلاء الأشخاص على حق. ومع ذلك، فإنهم يفترضون أنَّ إظهار أو عرض تلك العواطف العميقة والمكبوتة، سوف تسمح لهم بالحصول على الدعم والحب والإهتمام - والتي غالباً ما تكون من حسن حظهم - لكنَّ نتائجها ستكون مؤلمة وضارَّة.
إنَّ الإنفتاح والتعبير عن الأسف والندم تجاه الشخص المُساء إليه، يكون في كثير من الأحيان أمرٌ "عِلاجيٌّ" بشكل لا يُصَدَّق، وقد يقودهم أيضاً لاختبار تقارب عاطفي أعمق بكثير، وإلى الثقة المُتبادَلَة ألواحد تجاه الآخر، وبذلك تتعمَّق الصداقة بشكلٍ كبير.
المسؤولية, السيطرة, الناس, الإعتراف, الماضي, الإعتذار, التبرير
- عدد الزيارات: 2855