العطاء أم الأخذ؟
الجميعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ يعطوا... وَأَمَّا َمنْ الأعوازِ... العطاء هو إظهار الإهتمام بالغير، ومدّ يد العون والمساعدة للآخرين،
والعمل على تحقيق إحتياجاتهم. إنه الشعور بالواجب، يُمْليه الضمير تجاه أشخاصٍ نعرفهم، وربما لا نعرفهم، لكننا نشعر باحتياجاتهم، ونشعر بالمسؤولية الإجتماعية تجاههم. وللعطاء جوانب مختلفة وأنواع متعدِّدة، منها العطاء المعنوي، والعطاء المادي. وهناك أيضاً أشكالٌ مختلفة للعطاء، فهناك عطاءٌ مباشر وعطاءٌ غير مباشر.
وعمليَّة العطاء هذه هي تجربة هادِفة وفعّالة، فهي تمنح المعطي قوة الإرادة للعطاء، وتمنحه شعوراً بالرضى، كما أنها تجلب الفرح لمن يقبل هذا العطاء، فيعمل على تحقيق إحتياجاته.
والعطاء المعنوي يُتَرْجَمُ بطرقٍ مُختلفة، مثل الجندي الذي يفدي وطنه بحياته، أو من يُقَدِّم نفسه ليُنقِذَ غريق، أو من يجلس بقرب حزينٍ لمواساته والتخفيف عنه، أو تقديم كلمة نافعة أو نصيحة مفيدة لمن هو بحاجةٍ إليها...
والعطاء المادي لا يقتصر على الأغنياء فقط، إنما يشمل أهل الخير جميعاً، والذين يدفعون من أعوازهم...
والله ينظر للذي يعطي من أعوازه ويُقدِّر عطيَّته تلك، أكثر من عطايا الأغنياء الذين يعطوا من فضلتهم. ويخبرنا الكتاب المقدَّس قصةً عنوانها "فِلْسا الأرملة" فيقول:
"وجَلَسَ يسوعُ تِجاه الخزانةِ وَنَظَرَ كيفَ يُلقي الجمعُ نُحاساً في الخزانةِ. وَكَانَ أغنِياءُ كثيرون يُلْقونَ كثيراً. فجاءَتْ أرملَةٌ فقيرَةٌ وَأَلْقَتْ فِلْسَيْنِ قيمَتُهُما رُبْعٌ. فَدَعا تلاميذَه وَقَالَ لهم: "ألْحَقَّ أقولُ لَكُمْ إنَّ هذهِ الأرْمَلَةَ الفقيرةَ قَدْ أَلْقَتْ أكثرَ من جميعِ الَّذِينَ ألقوا في الخزانةِ. لِأَنَّ الجميعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقوا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ أعوازِها أَلْقَتْ كُلَّ ما عِندَهَا، كُلَّ معيشَتها."مرقس ١٢: ٤١- ٤٤
أُمّاً كيفيّٓة العطاء، فهي تمنَحُ العطاء قيمته الحقيقيَّة.
- العطاء بِفَرَحٍ ومن القلب... "كُلُّ واحِدٍ كَما يَنْوي بِقلبِهِ ليسَ عن حُزْنٍ أو إضطِرارٍ. لأنَّ المُعْطي المَسرور يُحِبُّه الله"
- يرتقي العطاء فيصل إلى أن يعطي الإنسان أفضل ما لديه... وقديماً كان الناس يقدِّمون "الباكورة" لله، أي أوَّلَ نتاج الزرع والغنم، وأوَّل نتاج الثَّمر، وهكذا يُبارِكُ الله حقولهم ومواشيهم.
- العطاء بِرِضى... والعطاء يجب أن يكون مَقروناً بالرضى القلبي، مع تقديرٍ للأعواز، بعيداً عن التمَلْمُلِ، وبطريقة مُحتَرَمَة، بعيداً عن الإهانة والإذلال.
كذلك يجب أن لا يقتصر العطاء على الأقرباء والأصدقاء فقط، فالكتاب المقدَّس يعلِّمنا أن نعطي الجميع دون إستثناء:
- "إن جاعَ عَدُوُّكَ فأَطْعِمْه. وَإِنْ عَطِشَ فاسْقِهِ. لأنَّكَ إنْ فَعَلْتَ هذا تَجْمَعُ جَمْرَ نارٍ على رأسِهِ." رومية ١٢: ٢٠
- أما كيفيَّة العطاء، فيجبُ أن تكون في الْخَفَاء: "إحتَرِزوا من أنْ تَصنَعوا صَدَقَتَكُمْ قُدّامَ النَّاسِ لكي يَنْظُروكُم. وإلا فَلَيْسَ لَكُم أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُم الذي في السمواتٍ. وَأَمَّا أنتَ فمتى صَنَعْتَ صَدَقَةً فلا تَعرِّفْ شمالَكَ ما تفعَلُ يمينُكَ. لكي تكون صَدَقَتُكَ في الخفاء. فأبوكَ الذي يرى في الخفاءِ هو يُجازيكَ علانِيَّةً ." متى ٦: ١-٤
- وفي النهاية، فإنَّ العطاء فضيلةٌ أوصى بها الكتاب المقدَّس ومَدَحَها.
- "مَنْ سأَلَكَ فأعطِهِ، وَمَنْ أَرادَ أنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فلا تَرُدَّهُ." مت ٥: ٤٢
- وأيضاً "مَغْبوطٌ هُوَ العطاءُ أكثرَ من الأخْذِ." أعمال الرُّسُل ٢٠: ٣٥
رأيهن
الخير, العطاء, القلب, المساعدة, الإهتمام, الرضى
- عدد الزيارات: 4597