أغنى رجل

كان أحد أصحاب الإقطاعيات الزراعية الكبيرة يمتطي صهوة جواده، متجوِّلاً في أراضيه الشاسعة، متباهياً بثروته الهائلة وممتلكاته المتعددة، في الوادي الكبير الكائن بجانب النهر الذي يشق إحدى بلدات الريف. وفي يوم من الأيام، بينما هو يتجوَّل راكباً على جواده المُحبَّب، متفقِّداً العمل في مزرعته الكبيرة المترامية الأطراف، رأى الفلاح العجوز المُعمِّر في المزرعة... 

كان أحد أصحاب الإقطاعيات الزراعية الكبيرة يمتطي صهوة جواده، متجوِّلاً في أراضيه الشاسعة، متباهياً بثروته الهائلة وممتلكاته المتعددة، في الوادي الكبير الكائن بجانب النهر الذي يشق إحدى بلدات الريف.

وفي يوم من الأيام، بينما هو يتجوَّل راكباً على جواده المُحبَّب، متفقِّداً العمل في مزرعته الكبيرة المترامية الأطراف، رأى الفلاح العجوز المُعمِّر في المزرعة... منذ أن كان طفلاً.

كان العجوز جالساً تحت شجرة... بينما كان الإقطاعي يتجوَّل في مزرعته... ورآه مفترشاً الأرض يتناول طعامه وقت الظهيرة: بصلة وخبزاً جافاً وبعض الأعشاب الخضراء.

وسأله: كيف حالك يا عجوز؟

فأجابه مبتسماً، وعلى وجهه علامات الرضا والسعادة: لقد كنتُ أشكر الله بعد أن إنتهيتُ من تناول الطعام.

إعترضه الإقطاعي قائلاً: إن كان هذا هو كل ما آكله أنا، فلستُ أحسُّ بأني لابد أن أشكر الله عليه!

فردَّ  بتواضع شديد: أن الله أعطاني كل ما أنا محتاج إليه. لهذا أنا أشكره وأحمد فضله على ذلك. ثم قبَّل يده وجهاً وظهراً... ثم أردف الفلاح العجوز... الذي كان مشهوراً بطيبة قلبه وشفافية روحه قائلاً: وعلى فكرة، من الغريب أنك تمرُّ عليَّ اليوم، لأني حلمتُ حلماً غريباً الليلة... فقد سمعتُ في هذا الحلم صوتاً يقول لي: إن أغنى رجل في هذا الوادي سوف يموت الليلة!

وأنا لا أعرف ماذا يعنى هذا؟ ولكني وجدتُ من الضروري أن أُخبرك به.

وأبدى الإقطاعي إشمئزازه قائلاً: الأحلام كلها هراء وإنطلق بحصانه بعيداً مُكمِّلاً تجواله.

لكنه لم يكن قادراً أن ينسى هذه الكلمات: أغنى رجل في الوادي سوف يموت الليلة!

لقد كان واضحاً للجميع أنه هو أغنى رجل في الوادي... لذلك فحالما عاد إلى بيته إستدعى طبيبه الخاص إلى منزله... وقام الطبيب بفحصه فحصاً دقيقاً...

ثم قال لصاحب المزارع الغني: يا عزيزي، أنت قوي وبصحة جيدة كالحصان! وليس من سبيل إلى أنك ستموت الليلة.  لكنه ألحَّ على الطبيب أن يُلازمه الليلة كلها، لزيادة الإطمئنان ودرءاً لأي طارئ مفاجئ، مقابل مبلغ كبير من المال. وقضيا الليل كله معاً... يلعبان الورق!

وفي الصباح الباكر غادر الطبيب المنزل بعد الإطمئنان عليه. وإعتذر منه الإقطاعي على إزعاجه له بحلم ذلك الفلاح العجوز.

وفي حوالي الساعة التاسعة، دقَّ الباب طارقٌ،... ماذا عندك؟

فردَّ عليه الرسول: سيدي... إن الأمر يتعلَّق بالفلاح العجوز.... لقد مات الليلة الماضية بينما هو نائم!!

تُرَى: مَن كان حقاً أغنى رجل في الوادي؟!

...أَمَا إختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان،... وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يُحبُّونه؟!!؟