Skip to main content

يوم "النعم"

ماذا؟ هل أنا أمٌ رهيبة... أم أنا أمٌ أنانية... أم الإثنين معاً... فلا تفكِّر إلا بنفسها وتنفِّذُ فقط ما يروق لها... لماذا لا أستمع لأولادي؟

 

كثيراً ما أقول "كلا"، وأعني أنني أقولها كثيراً لأولادي. وعندما أكون مُحاطةً بأناس غرباء ولا يهمّني أمرهم كثيراً، تجدني في صراعٍ مع نفسي لكي أضع لهم حدوداً وأقول لهم "لا". لكن عندما يتعلَّق الأمر بأطفالي، فإنَّ كلمة "لا" هي كلمتي المُفٓضَّلة تقريباً، وكثيراً ما أُردِّدها.  

— مرحباً يا أمي... هل —

—لا.

— إبنتي العزيزة... من فضلكِ إجلبي لي...

—حاضر ماما... بكلِّ تأكيد. 

—حبيبي... من فضلك ساعدني...

—بالطبع يا ماما. 

—أمي... أسألكِ...

—لا.

في إحدى المرات كنت أقود السيارة عندما سألني أولادي: "ماما، هل تسمحي وتأخذيننا لحضور استعراضٍ يجري ضمن احتفال كبير بمناسبة العيد الوطني"؟ وكان جوابي كالعادة "لا" بل سنذهب لزيارة جدَّتكم (والدتي) التي أُجريت لها عمليَّة جراحيّٓة في كتفها. 

لكن ما هزَّني وجعلني أندم على أنانيتي هو ردَّة فعلهم الصامتة. فقد نظرتُ إليهم في المرآة ورأيت الإبن الأكبر يتراجع في مقعده إلى الوراء، مكتوف اليدين ووجهه إلى الأسفل. أما البنت الصغرى والتي شاهدتها بطرف عينيَّ، فانقطعت عن الكلام ولبثت تنظر إلي بتوسّل. أما الولد الأصغر فلم يستطع أن يخفي دموعه...

ماذا؟ هل أنا أمٌ رهيبة... أم أنا أمٌ أنانية... أم الإثنين معاً... فلا تفكِّر إلا بنفسها وتنفِّذُ فقط ما يروق لها... لماذا لا أستمع لأولادي حتى النهاية وأتناقش معهم إن كُنتُ لا أريد هذا أو ذاك؟ إنهم أولادٌ طيبون، ومستعدون لتنفيذ أي شيء أطلبه منهم وفي أي وقت... لكنَّ المشكلة عندي...

وعند وصولنا إلى المنزل، وخلال وجودنا في المِصعد... حَدَثَ التغيير المفاجىء في قلبي وعقلي معاً. 

—نعم. 

— نعم ماذا؟

— نعم سنذهب اليوم إلى الإحتفال. 

ورغم أني لم أكن مستعِدَّةٌ لذلك، لكنني تحدّٓيتُ نفسي وقلتها بالفم الملآن..."نعم". 

لم أحظَ بسعادة في حياتي كتلك السعادة التي غمرتني في تلك اللحظات... أولادي يغمرونني... يقبِّلونني... يشكرونني... كلماتٍ لم أسمعها من قبل... أنتِ أفضل أم... أنتِ عظيمة... نحن نحبكِ جداً جداً... هذا بالإضافة إلى الفرحة الغامرة التي إرتسمت على وجوههم وجعلتهم يطيرون من الفرح...

— هل ستسمحي لنا بأن نستأجر الدرّاجات الهوائية هناك؟

— نعم. 

—وهل سنأكل البطاطا المقليَّة هناك أيضاً؟

— نعم. 

— هل... هل... هل...

—نعم... نعم... نعم...

إنه يوم "النعم"... أشكرُ الله لأني تغيَّرت وأصبحتُ أسعى لإرضاء أولادي!!!

عقل, قلب, إبنتي, أمٌ

  • عدد الزيارات: 3583