Skip to main content

فاقدة للبصر

فاقدة للبصر

فاقدة حاسة مهمة... لكنها تدخل مجموعة غينيس (٢٠١٧) بمثابرتها وإصرارها تُوِّجَتْ ملكة على الإعلام.

كفيلة... عمياء، فاقدة للبصر، تفوَّقتْ على أترابها الذين يتمتعون بنظرٍ ثاقب ١٠٠/١٠٠ كما يُقال...

فاقدة للبصر، لكنَّ بصيرتها تشهد بأنها ترى ما لا نراه نحن الأصحاء...

بمثابرتها وإصرارها تمكنتْ من كسر تلك الصورة المظلمة والظالِمَة لذوي الإحتياجات الخاصة...

تُوِّجَتْ ملكة على الإعلام المرئي بكسرها الرقم القياسي العالمي للبَثّ المباشر على الشاشة...

إنها اللبنانية داليا فريفر والتي فقدَتْ بصرها في سن ال ١٨ سنة، بعد مشكلة في شبكة العين... لكنها إستطاعت أن تنير الشاشة، حين قرَّرَتْ أن تجلس أمام الكاميرا كإعلامية...

لم يكن يوم السبت ٢٨ كانون الثاني يوماً عادياً بالنسبة لداليا... لم تستعد له من حيث الشكل والمظهر، إنما لتبرهن للعالم أنَّ البصيرة هي أهم من البصر، وأنَّ المضمون يتفوَّق على الشكل الخارجي بما لا يقاس...

إنه يوم التحدّي، ويوم تسليط الضوء على ذوي الإحتياجات الخاصة...

يومها، إستضافتْ داليا أكثر من ٩٠ ضيفاً خلال ٢٤ ساعة متتالية من البث الحيّ على شاشة تلفزيون لبنان... هذه المحطة المَنْسِيَّة من الجميع بحجَّة عرضها المتتالي للأعمال القديمة... إختارتها داليا لتظهر بلدها بصورةٍ مشرقة أمام العالم أجمع...

بدأتْ يومها عند الثامنة من صباح السبت، حيث إستقبلتْ مباشرةً على الهواء ولمدَّة ٢٤ ساعة متواصلة، ضيوفاً من جميع الفئات والإختصاصات، منها الفنية والأدبية والطبية، إضافةً إلى الشخصيات السياسية والإجتماعية والرياضية، بمعدّٓل ١٥ دقيقة لكل ضيف (بحسب ما تفرضه شروط غينيس.)

حاورتهم... بابتسامة مُشِعّٓة لم تفارق وجهها... أجرتْ مقابلتها من دون تكرار الأسئلة... وطرحت القضايا عليهم كلٌ بحسب إختصاصه...

عند طلوع الفجر، أحسَّتْ داليا بدوارٍ بسيط، لكنها رفضَتْ الدخول إلى المستشفى، وقد كان الصليب الأحمر في إنتظار أي طارىء في الخارج.

لاقتْ فريفر تشجيعاً كبيراً وحماسةً لا مثيل لها من المشاهدين الذين تسمَّروا أمام شاشاتهم، وسهروا معها حتى طلوع الفجر، لمواكبة هذا الإنجاز العالمي، وقد أشعلوا مواقع التواصل الإجتماعي بتعليقاتهم المشجِّعة لهذه المذيعة الرائعة، واحتفالاً بتلك الخطوة الجبارة!!

وتقول أمينة سرّ المجلس الوطني للإعلام: "عندما اتصلتُ بالضيوف، لم يستطيعوا إن يخفوا إستغرابهم لأنَّ المقدِّمَة لا ترى... وكان جوابي لهم، بأنَّ لديها البصيرة لا البصر، وهي ترى بقلبها لا بعقلها... وقد أبدى البعض ترحيبهم بالفكرة، والبعض الآخر تردَّد. لكن فيما بعد، كثيرون ممن ترددوا عادوا واستجابوا لنا..."

داليا فريفر، أنتِ أكثر من رائعة... لقد منحتنا شرف الإفتخار بصورتكِ الإعلامية... لقد إسطتعتِ أن تتخطي الصورة النمطية للمرأة، وتظهري الجانب المنير لذوي الإحتياجات الخاصة... أنتِ لم تكسري الرقم القياسي فحسب، بل كسرتِ الحواجز ومهَّدتِ الطريق، وقدمتِ صورة مُشَرِّفَة لمِهَنِيَّتِكِ ووطنكِ.

لبنان, البصر, التحدي, المهنة

  • عدد الزيارات: 2550