كتب يتاريخ . نشر في منك لنا

فراشات في الطّريق

فراشات في الطّريق

هل من الصّواب أن أتبع دليلًا لا يعرف أن يرشدني الطّريق!؟

في كلّ كتاب نقرأه، نسافر عبر صفحاته وكلماته إلى عالم جديد، نتنقّل بين فصوله وأفكاره كالفراشة الّتي ترتشف من حدائقه لتصنع منه عسلًا.

ولكن... علينا أن نعرف أوّلًا أين نرعى! إنّنا حقًّا كالفراشات حين نتنقّل بين حدائق العلم... لننهل منه... فنحن نرتشف العلم من الأغصان الّتي ندور بين أزهارها... ونرتشف العلم من بين طيّات صفحات الكتب الّتي نقرأها... لذا فعلينا أن نعلم ونعي جيّدًا...

من أين نستقي علمًا؟ وكيف نختار من نقرأ له قبل اختيار ما نقرأه؟

 لأنّه إذا صلح المصدر والنبع... فحتمًا سيصلح ما نستقيه منه، نحتاج أن نرى قبل أن نسمع، نحتاج أن نرسم طريقًا لأنفسنا، أصبحنا الآن لا نحتاج لقراءة كتب كي نتعلّم، بل بالأحرى نحتاج إلى معرفة أقلام من كتبوا أوّلًا...

 نحتاج أن نرى ما خلف الوجوه، نفكّر في ما أدّى للسّلوك الّذي نراه قبل ن ننظر للسّلوك ونُقيّمه، فالسّلوك مجرّد ترجمة منظورة لفكر غير منظور، فإن أردت أن تدخل عقل أحد وتعرف ما يعتقده... فانظر إلى تصرفاته... فهي كفيلة بأن تترجم ما لم تستطع أن تقرأه...

نحن لا نحتاج فقط إلى البصر كي نعرف من أمامنا أو نحدّد طريقنا... بل أصبحنا نحتاج إلى البصيرة، البصيرة الرّوحية الّتي ترى المحرّك الّذي خلف كلّ تصرّف، والرّسالة الّتي خلف كلّ كتاب، والّتي تشير لنا إلى الصّواب وتصحّح لنا المسار إن ضللنا...

أصبحنا بحاجة لإزالة كلّ ما قد بثّوه فينا من خطأ عشنا سنين نعتقد بأنّه هو الأساس الثّابت، نحتاج أن نعلم أنّنا تعدّينا دور المتلقّن وأصبح بمقدورنا أن نقرأ ونفكّر ونبدع أيضًا.

نحن قادرين على أن نكون قادة لأنفسنا على الأقلّ، فلقد خلقنا الله متمتّعين بحرّيّة كاملة، وعقل يعي الحقّ من الباطل، ويستطيع أن يرى بنفسه ويفكّر عن نفسه، لسنا مجرّد تابعين لأشخاص أو جماعات ربّما كانت على غير صواب.   

لماذا استدل ممن هم أنفسهم ضالّون -  ولم يعرفوا الطّريق يومًا!؟!؟

من علامات النّضج أن نكون الفراشة الّتي تنتقي أفضل رحيق من أجمل الأزهار... لنستمتع بألذّ أطياب المعرفة...

يمكننا الآن أن نقول: قل لي لمن تقرأ، أقل لك من أنت...

العلم, الفكر, الثقافة, الخطأ, القراءة, الصّواب