كتب يتاريخ . نشر في صحتك

عوارض الإحباط المخفي

عوارض الإحباط المخفي

لا عيب في التّعبير عمّا نشعر... خصوصًا في بحثنا عن الشّفاء والسّعادة... أشعر دائمًا بأنّني لست على ما يرام، فلا أقدر أن أستمتع بوقتي...

في البداية لم أكن أدرك بأنّ ما أشعر به ما هو إلّا مجرّد عوارض ل "إحباط مخفيّ"... فحين سألت نفسي: لمَ أشعر بهذه الأمور؟"... بحثت كثيرًا حتّى وجدت خيوط إجابات على أسئلتي... وكانت مقنعة جدًّا...

ما هو الإحباط المخفيّ؟؟

هو عبارة عن تغيّر مستمرّ بالمزاج، يسبّب الشّعور بالحزن، الفراغ، وعدم الشّعور بالإستمتاع... إنّه حالة نفسيّة تغيّر طريقة الشّخص بالتّفكير، الشّعور والتّصرّف... إنّه حالة لا تشخّص طبّيًّا... إنّما توجد في أعماق النّفس، لا تُلاحَظ من الخارج، حتّى من أقرب الأشخاص...

لا يمكن تشخيص هذه الحالة من قبل الآخرين بسهولة، فمن الممكن أن يحمل هذا الشّخص أعذب إبتسامة على وجهه عندما يوجد في مجموعة أو بين الأصدقاء أو في العائلة...

ولهذا "الإحباط المخفيّ" أسباب عديدة...

- الخوف من مشاركة أسرارنا ومخاوفنا العميقة والشّخصيّة مع من حولنا... فهذا يعرّضنا للظّهور بضعف أمام الآخرين.

- لا نريد أن نحمّل الآخرين عبء مشاكلنا وهمومنا.

- الخوف من أن يطرح علينا لقب "محبط" أو "ذو مشاكل نفسيّة".

- نعتقد أنّه ليس بإمكان أحد المساعدة أو فهم الحالة الّتي نمرّ بها.

في مجتمعاتنا الشرقية للأسف... يحبّذ بأن نظهر بصورة قويّة، نفسيّة ثابتة، وعلى مستوى عالٍ من التّصرّف والتّعامل مع كلّ ما حولنا... وهذا ما يسبّب تكدّس مشاكلنا وأعبائنا اليوميّة في الحياة... وتسهّل عمليّة تغلغل الإحباط إلى دواخلنا... وحينما ننظر إلى من حولنا... نراهم مبتسمين... نظنّ أنّه ليس بإمكانهم مساعدتنا في ما نشعر... وهذا هو السّبب الرّئيسي لوجود الإحباط المخفيّ.

كيف نعلم بأن الإحباط المخفيّ موجود؟؟

هناك عادات مختلفة... تشير إلى وجوده... إنّما هي إشارات صغير... ومن الصّعب رؤيتها بوضوح... ويجب علينا ألاّ نخجل من التّكلّم عن الإحباط المخفي إذا لاحظنا وجود هذه العوارض لدينا أو لدى أي من الأشخاص المقرّبين إلينا...

- الإحباط المخفي يجعل الشّخص غير مهتمّ بالأمور... وحتّى أحب النّشاطات إلى قلبه... فيشعر الشّخص بعدم الرّغبة في ممارسة أي ممّا يستهويه...

- الإحباط المخفي يؤثّر في طريقة الأكل لدى الشّخص... فإمّا أن يجعله يفرط في الأكل... أو على العكس، فيخسر الشّخص قابليّته للطّعام.

- الإفراط في النّوم... تمامًا كعدم القدرة على النّوم... هي من عوارض الإحباط المخفي...

- يعتقد الأشخاص المصابون بالإحباط المفرط بأنّ تناول المشروبات مثل القهوة، المنبّهات، أو حتّى الكحول... هو أمر مهمّ... إذ يظنّون بأنّ هذه المشروبات تساعدهم على تحسين مزاجهم.

- يقدر الشّخص المصاب بالإحباط المخفي على جمع نقيضين (الجيّد والسّيّء – المضحك والمبكي) لذا نراهم على قدر عال من الإبداع، إمّا في كتابة سيناريوهات كوميديّة – دراميّة، أو يبرعون في كتابة الشّعر، في الرّسم، الموسيقى... فهذه طريقة للتّعبير عمّا يدور في داخلهم.

- يبحثون عن الحب والإهتمام... وهم يميلون إلى المثاليّة في تصرّفاتهم... يحاربون للوصول إلى الكمال... بهدف إخفاء ما في داخلهم...

- يتجنّبون أن يلاحظ من حولهم بما هم يشعرون... فيميلون إلى الضّحك والمرح عند وجودهم في مجموعة.

- المصابون بالإحباط المخفّي بارعون في إختلاق الأعذار... تبريرًا لعدم رغبتهم بالتّواجد مع الآخرين أحيانًا... أو بالمشاركة في نشاط أو على المائدة... أو ما شابه من تجمّعات...

- لديهم طرقهم الخاصّة في التّعامل مع الحزن... فيستمعون إلى الموسيقى، أو يذهبون في نزهة على الأقدام وحدهم...

- يقومون بمجهود خاص حتّى يعكسون صورة مرحة لمن حولهم، كيلا يشعر الآخرون بالحزن والوحدة الّتي هم أنفسهم يحملونها في قلوبهم.

- الإحباط المخفيّ يجعل الفرد يبحث ويستفسر عن أمور عديدة ودقيقة... فهم لديهم إدراك عميق حول الموت والحياة مثلاً...

- هم في بحث مستمرّ... فهم غالبًا ما يغيّرون وظائفهم باستمرار... أو يبدّلون أماكن سكنهم... أو حتّى اختصاصهم في الجامعة... وذلك بهدف الهروب من مخاوفهم... فبحثهم مجرّد هروب وليس هدفًا...

- من المحتمل أن يطلق المصابون بالإحباط المخفي صرخات إستغاثة... إنّما بطريقة خافتة وليس علانية أي بالتفوه ببعض الكلمات المعبرة عن شعورهم... طبعًا ليس للجميع... إنّما لأشخاص يثقون بهم...

الإحباط المخفيّ... معاناة داخليّة... يخجل الكثيرون من أن تظهر على شخصيّاتهم أمام الآخرين... إنّما هذا أمر مهمّ جدًّا... فعلينا التّحلّي بالجرأة للتّكلّم عنه... فنساعد أنفسنا ونساعد الآخرين...

إذا كنت تعانين من الإحباط المخفيّ، لا تخجلي من طلب المساعدة... لا ترضي بأن تتحكّم هذه المشاعر بمجرى حياتك... بإمكانك الشّفاء... بإمكانك الإستمتاع بالفرح مجدّدًا... تكلّمي عن مشاعرك مع من تحبّين أو بمن تثقين، أو حتّى استشيري مختصّين... لا عيب في التّعبير عمّا نشعر... خصوصًا في بحثنا عن الشّفاء والسّعادة...

السعادة, الفراغ, الحزن, المشاعر, المُعاناة, الشفاء, الإحباط, الكتم