كتب يتاريخ . نشر في أحداث

التّمويل والعطاء

التّمويل والعطاء

هل سبق أن رأيت شخصًا يقول بأنّه مكتفٍ؟! أيوجد رقم معيّن يشير إلى الإكتفاء عند الوصول إليه؟!

العديد من المسيحيّين والمسلمين الملتزمين دينيًّا يؤمنون بأنّ عليهم، في أوقات معيّنة، تقديم جزء من مالهم أو التّبرع به لأسباب إلهيّة... بغضّ النّظر إن كنّا سمعنا عن فكرة العطاء أو لا... ففي مرحلة معيّنة، يأتينا هذا الصّوت، الذي يدعو للقيام بذلك...

ولكن... هناك شخصيّات مختلفة... ولأسباب لا نعرفها، يوجد كثيرون يواجهون أوقاتًا حين يصعب عليهم العطاء... وآخرون يقدّمون تضحيات كثيرة... وغيرهم ليس لديهم مشاكل على الإطلاق... أنا، شخصيًّا أعتقد أنّه لا يمكنني العطاء ما لم أشعر بالرّضا أو إن لم أكن مكتفية ذاتيًّا... هذا لا يعني بأنّني وصلت لتحقيق أهدافي الماليّة... لا، بل أعني بذلك الرّضا بأن أمتلك الشّعور بأنّ لديّ كلّ شيء في الرّبّ... وأعني أنّني أتمكّن من العطاء عندما يكون قلبي ممتلئًا... لكن متى أكون كذلك!؟

هل سبق أن رأيت شخصًا يقول بأنّه مكتفٍ؟! أيوجد رقم معيّن يشير إلى الإكتفاء عند الوصول إليه؟!

أسبق ورأيت شخصًا مكتفٍ بما لديه؟ لا... فطبيعة الإنسان البشريّة غالبًا ما تسعى للحصول على المزيد... من كلّ شيء مادّيّ... الإنسان لا يتوقّف عند حدّ في ما يختصّ بالشّعور بالإمتلاك... ودائمًا ما يتراود الشّعور بهذا الفراغ في القلب الذي نحاول عبثًا أن نملأه بكافّة الطّرق...

في العطاء، الأمر لا يتعلّق بالكمّيّة... بل بالنّوعيّة... بالجودة...

هل تعتقدين بأنّه علينا أن نتوقّف للحظة في مرحلة ما، للتّفكير في ما إذا كنّا ندير شؤوننا الماليّة بشكل صحيح؟! وإذا كنّا نكرم الله في أموالنا أيضًا!؟

هذا الدّرس الذي علّمته لأطفالي... "ضع جانبًا على الدّوام 10% من أموالك"... أمّا في ما يتعلّق بالميزانيّة، فعلينا تحديد المدخول... وتحديد ما ننفقه من هذا المبلغ... لا يمكننا أن ننفق أكثر ممّا نملك... فهذا ما سيضع علينا الدّيون والضّغوط...

تعلّمي أن تحدّيد ميزانيّتك واضبطي احتياجاتك بحدود هذه الميزانيّة...

لكن... هل العطاء أمرٌ مفرح؟!

في مرحلة الطّفولة... هل استطعت مشاركة حلوياتك مع أختك بسعادة عندما طلبت منك أمّك ذلك؟ لا يوجد طفل يشارك عن طيب خاطر... وخاصّة عندما يتعلّق الموضوع بمشاركة الألعاب أو مأكولاته اللّذيذة... لذا كنت، مثلًا، أنتظر إلى أن يكتفوا من ألعابهم ويضعونها في صندوق خاص كنّا نسمّيه "ألعاب المشاركة"...

من أجل أن تعطي للآخرين، على هذا العطاء أن يكون بقلب بهيج ومحبّة وليس بالإكراه... ففي إنجيل الرّسول بولس، فتح لنا نافذة آلة عقل الله: "ليعطِ كلّ واحد كما ينوي بقلبه، ليس عن حزن أو اضطرار... لأن المعطي المسرور يحبّه الله" (كورورنثوس 2 - 7)

في الدّين، وفي ما يتعلّق بالعطاء، ليس هنالك منافسة ولا مقارنة... فكلّ شخص يعطي بحسب قدرته وإمكانيّاته... لأنّ الله في النّهاية لا يتوقع منّا إعطاء ما لا نملكه... "احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدّام النّاس لكي ينظروكم.وإلّا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السّموات. فمتى صنعت صدقة، فلا تصوّت قدّامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجّدوا من الناس. الحق أقول لكم إنّهم قد استوفوا أجرهم. وأمّا أنت فمتى صنعت صدقة، فلا تعرّف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (متى: 6)

عندما ندرك المعنى الحقيقي للعطاء، نظهر عمل الله وقدسيته فينا... وعندما نعطي بسعادة... يكون الله أيضًا سعيدًا.

العطاء, المشاركة, الصدقة, التمويل, التخطيط المالي, العطاء المالي, العطاء المعنوي, فرح العطاء, معنى العطاء