كتب يتاريخ . نشر في أحداث

المتعة في نسيان الوقت معك

المتعة في نسيان الوقت معك

ننسى أنّهم سيكبرون في غمضة عين... وأننا الآن يجب أن نعيش معهم أجمل تفاصيل حياتهم... كأوّل كلمة... وأوّل خطوة...

لا شيء على وجه هذه الكرة الأرضية بإمكانه أن يتملكني كصوت ضحكاتك العالية، التي تملأ أذنيّ وقلبي فرحًا...

كأيّ أم، أنا معتادة على الإهتمام بالوقت... متى تستيقظ... متى تأكل... ومتى موعد الوجبة التّالية... كم من الوقت بقيت نائمًا... ومتى هذا... ومتى ذاك... ومتى ومتى...

الوقت...

غالبًا ما أشعر بقوّة وقع هذه الكلمة عندما يسألني بعض الأشخاص حول حياتي كأمّ في المنزل... ماذا أفعل طوال اليوم؟ كيف أقضي وقتي؟ هل أشعر بالملل؟

غالبًا ما يتملّكني شعور الإحباط من هذه الأسئلة... لأنّني أدرك مدى انشغالي اليوميّ بمطاردة طفل صغير... وتلبية احتياجاته... واحتياجات المنزل... ولكنّني أعرف أنّه عندما أحاول التّعبير عن هذا الأمر للآخرين، فإنّهم لا يفهمون فعليًّا حقيقة الأمر... وقد شاهدت كثيرًا من النّظرات والإيماءات والوجوه الفارغة... وأحيانًا أواجه ردّات فعل من الذّعر والهلع... فأهلع أنا أيضًا... وتسيطر عليّ المشاعر السّلبيّة كأنّ حياتي ليست لديها الوقت الكافي لأفعل أمور أكثر أهمّيّة من الإعتناء بطفلي وبيتي وعائلتي...

لكنّها هي... نظرة واحدة إلى طفلي، كفيلة بأن تجعل وقت الفراغ بلا معنى... فاحتياجاته أكثر أهمّيّة بل هي أولويّة...

لا يتعلق الأمر بملء الجدول الزّمنيّ المثاليّ... أو الإلتزام ببعض التّوقّعات الخياليّة... بل بالتّباطؤ... وأخذ الوقت الكافي للقيام بالأمور التي تسعد طفلك، وتملأ البيت بالضّحكات... يتعلّق الأمر بعمل أمور بلا أيّ سبب سوى رؤية طفلك يضحك ويلعب.. الأمر يكمن في جعله أعظم معلّم لك، إذ يجلب لك الفرح والسّعادة التي يمكنك الحصول عليهما عندما تنسين الوقت خارجًا وتصوّبين اهتمامك في الفترة هذه على طفلك...

"المثاليّة" تشغل بالنا كأمّهات... المثالية في أن يكون المنزل نظيفًا... وسلّة الغسيل فارغة... لا تتعبي نفسك... فهذا لا يمكن أن يحصل أبدًا... يشغل بالنا إيجاد الوقت لإتمام واجباتنا المنزلية، كثل أن يكون الطّعام جاهزًا والمطبخ نظيفًا والأطفال أنهوا واجباتهم المدرسيّة... وكلّ هذه الأمور نريدها معًا، في نفس الوقت... إضافة إلى أمور أخرى عديدة... وننسى أهمّ أمر... قضاء الوقت مع أطفالنا...

ننسى أنّهم سيكبرون في غمضة عين... وأننا الآن يجب أن نعيش معهم أجمل تفاصيل حياتهم... كأوّل كلمة... وأوّل خطوة... وأوّل وجبة طعام يتناولونها بأنفسهم... وربّما ننزعج للفوضى الّتي يسبّبونها على المائدة ونغفل عن الإستمتاع معهم باكتشاف كيفيّة استخدام أيديهم لأوّل مرّة... أو غرفة الألعاب، حيث يحاولون اكتشاف ما هو أبعد من الألعاب نفسها... تربكنا كثرة الوظائف المدرسيّة، ونضع جانبًا فكرة أنّنا في مساعدتنا لهم في حلّها نبني في أذهانهن ذكريات عذبة، ونستخدم القوّة والحزم في تدريسهم بدل المرح وقضاء وقت يوسّع آفاق أذهانهم ويستفزّ مخيّلتهم وإبداعهم...

لا شيء يستحقّ، على هذه الكرة الأرضيّة، أن نمللأ وقتنا به أكثر من لحظاتنا التي لن ننساها مع أطفالنا...

ربّما لو عرفنا سرعة الوقت.. سنقدّره أكثر ونحفظ اللّحظات التي تذهب معه بشكل ذكريات تنطبع في أذهاننا وأذهان أطفالنا...

لذلك، توقفي عن الحكم على نفسك وعلى حياتك... املئيها باللحظات الّتي لا تُنْسَى... والضّحكات الّتي تملأ أجواء المنزل محبّة وفرحًا عظيمين... فهم، أطفالك، ما سيدوم لك... واستمتعي في نسيان الوقت عندما تكونين مع عائلتك... فالوقت معهم هو كلّ ما تملكين.

الوقت, العائلة, الأطفال, الذكريات, الأمومة, نسيان الوقت, المحبة والفرح العائلي, الإستمتاع مع العائلة