كتب يتاريخ . نشر في أحداث

أهمّيّة الأب لابنته

أهمّيّة الأب لابنته

كم هو مهمّ حبّ الأمّ والأب لأولادهما... لكنّ حبّ الأب لابنته هو ما يحدّد نظرتها للحياة، وعلاقتها بالرّجل لمدى الحياة...

أبي... كان الشّخص الّذي عزّز الشّجاعة في حياتي... أذكر، كنّا مرّة على شاطىء البحر، وكانت هناك تلّة عالية... من قمّتها يُرى منظر الشّاطىء جميلًا جدًّا... عدد من الرّجال كانوا يتسلّقون تلك التّلة، ويقفزون من أعلاها إلى المياه للسّباحة... قلت لأبي: كم أتمنّى أن أفعل ما يفعلون... أصعد إلى القمّة وأقفز إلى المياه البلّوريّة الصّافية... نظر أبي إليّ وقال: ما الّذي يمنعك من القيام بهذا؟ أجبته بأنّني خائفة... لكنّه قال لي بأنّني أجيد السّباحة... فَلِمَ الخوف؟! قال: تشجّعي... وانطلقي واستمتعي بسباحتك إذا كنت ترغبين بذلك...

لا أقدر أن أصف أو أعبّر كم أثّرت هذه الحادثة في حياتي.. في كلّ حياتي... في كلّ قرار أتّخذه... فقد تحرّرت من الخوف بسب ما قاله والدي...

كثيرون من الرّجال يطنّون بأنّ دورهم في الحياة يتمحور حول أبنائهم... فيقومون بأداء دور "الرّجل القدوة" إيجابيًّا... إن في فرض النّظام... أو في السّعي نحو تحقيق حقل الوظيفة... أو في النّجاح بتماسك العائلة... أو الزّواج....

لكنّهم في غالب الأحيان لا يعيرون أهمّية لدورهم في حياة فتياتهم... وأوّل ما يتأثّر من هذا الدّور عند المرأة هو مستوى التّعلّم والثّقافة، بالإضافة إلى مهنتها... فعلاقتها بوالدها تؤثّر مباشرة على أدائها وتحصيلها للعلم... وبالنّتيجة أيضًا، مهنتها أو حقل عملها، ومن ثمّ وضعها الإقتصادي السّليم... وهكذا يمكننا أن نقول بأنّ الرّجل الّذي يلعب دوره الصّحيح في أن يكون منخرطًا بحياة ابنته منذ الطّفولة فيشجّعها على تحصيل درجة علم جيّدة... يعزّز ثقتها بنفسها... يدعمها في تحقيق أهدافها... يساعدها في الإتّكال على نفسها... يساندها في الوصول إلى أعلى المراتب في العمل...

وهذا الموضوع يفسّر لنا الظّاهرة بأنّ عددًا كبيرًا من الفتيات في العالم، ممّن وصلن إلى مراتب عالية ومهمّة جدًّا خصوصًا في مجال السّياسة هم فتيات لا يملكن إخوة ذكورًا... فهنّ يحصلن على الدّعم والتّشجيع من آبائهن، ويصبحن قائدات شهيرات... ويحقّقن عدّة أمور على مستويات عالية... حتّى اللّواتي يبرعن في ممارسة الرّياضات البدنيّة ويحقّقن البطولات، فإنّهنّ يشكرن آباءهنّ لنجاحهنّ، ولمساعدتهنّ لامتلاك الصّلابة والتّشبثّ بتحقيق أهدافهنّ وبالوصول إلى طموحهنّ...

في هذا السّياق، فإنّ عددًا من فتيات الجامعات، وعندما يتوجّه إليهنّ السّؤال: ماذا كنت ستفعلين لو أنّ والدك لم يوافق على تخصّصك أو حقل العمل الّذي اخترته.. تكون إجابتهنّ: لن أغيّر رأيي... لكنّ الفتاة الّتي حظيت باهتمام ودعم والدها وعاشت علاقة تواصل وتفاهم معه منذ صغرها، فإنّ إجابتها تكون بأنّها على استعداد لتعديل خطّتها أو إعادة التّفكير في كيفيّة بناء مستقبلها في حال لم يوافق والدها على أيّ تخصّص أو مهنة تختارها...

وأكثر ممّا سبق... هل فكّرت يومًا بأهمّيّة تأثير الوالد على الحياة العاطفيّة لإبنته؟! وتأثير علاقتها بوالدها على اختيارها للشّخص؟! فالفتاة الّتي تملك علاقة جيّدة مع والدها تميل إلى عدم إقامة علاقات عابرة مع أيّ كان... كما أنّها لا ترتمي بين أحضان أوّل شخص تلتقي به... وهي لا تحتاج إلى الهروب لحضن صديق من أصدقاء المدرسة أو الجامعة، وذلك بهدف الحصول على الحبّ والحنان والإهتمام والدّعم... أمّا بالنّسبة إلى التّعرّض للإصابة بالإحباط، فإنّ الفتاة الّتي تتمتّع بعلاقة محبّبة وداعمة مع والدها قلّما تشعر بالإحباط أو تشعر بالفشل... كما أنّها في أكثر الأحيان لا تنتقد مظهرها، وتقبل نفسها كما هي... واستنادًا إلى دراسات عديدة، تبيّن أنّ علاقة الأب بابنته تشكّل جزءًا هامًّا في بناء صحّة ابنته الفكريّة والعاطفيّة على حدّ سواء... ومن أهمّ ما تكتسبه الفتاة في هذه الحال هو استعدادها لمواجهة عقبات الحياة بقوّة...

هذا ما يؤكّد بأنّ تأثير الوالد على الفتاة يتفوّق بنسبة عالية على تأثير الأمّ عليها...

هذا التّاثير يبدأ منذ الصّغر... فالأب الّذي يمضي أوقاتًا ذات نوعيّة جيّدة مع ابنته (Quality Time)، يلعبان معًا، يتشاركان في نشاطات مختلفة ومتنوّعة، يمارسان الرّياضة البدنيّة معًا،... وأمور عديدة أخرى، كفيلة بأن تقرّب المسافة في علاقة الأب بابنته... الأب لديه دور كبير وتأثير كبير، إلى حدّ أبعد ممّا نتصوّر في حياة ابنته... وكما يبني الوالد علاقة جيّدة مع ابنه، يجب بناؤها مع ابنته أيضًا، علاقة مقرّبة... علاقة ثقة ودعم... علاقة ذات نتائج مستقبليّة إيجابيّة...

 

التشجيع, الثقة بالنفس, الأولاد, الدعم, عيد الأب, تأثير الأب على ابنته, التّفاهم, دور الأب, الأب في حياة ابنته