كتب يتاريخ . نشر في أحداث

بناء الإنسان أولا

بناء الإنسان أولا

لقد انشغل الصّينيّون ببناء السّور... ونسوا بناء الحارس!! في القدم، كان أهل المدن يبنون الأسوار حول مدينتهم، كي لا يتمكّن العدوّ من دخولها بسهولة.

كانت الأسوار عبارة عن جدران سميكة، تحتاج إلى قوّة كبيرة لهدمها، كما كانت أيضًا عالية كي لا يسهل تسلّقها...

على مدخل السّور أي مدخل المدينة الأساسي يوجد حرّاس يراقبون الدّاخلين إلى المدينة والخارجين منها، ووظيفتهم الإنتباه إلى نوعيّة الأشخاص القادمين إلى المدينة... أيضًا على أعلى السّور ينتشر عدد من الحرّاس يراقبون الآتين من بعيد قبل وصولهم إلى مدخل المدينة، فإذا رأوا أمرًا خطرًا قادمًا، ينبّهون الحرّاس الّذين على المدخل كي يتنبّهوا أو يغلقوا البوّابة منعًا للخطر من أن يدخل إليهم...

هكذا عيوننا وأفكارنا وقلوبنا... تراقب كلّ ما حولنا... تفرّق الخطأ من الصّواب وتجعلنا نقيّم أفعالنا وأقوالنا، وتجنّبنا الوقوع في الخطأ...

لكنّني، قرأت قصّة صغيرة نبّهتني إلى أنّ مداخل النّفي والقلب والفكر ليست بمأمن دائم...

في الصّين، منذ القدم، أراد الشّعب أن يعيش بأمان، فبنوا سور الصّين العظيم... سور ضخم، لا يُهدَم ولا يمكن تسلّقه... ولكن!! خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السّور، تعرّضت الصّين للغزو ثلاث مرّات!! وقد لوحظ أنّ الغزو من قبل الحجافل البرّيّة لم يكن بحاجة إلى اختراق السّور ولا حتّى تسلّقه!! بل كانت الجحافل في كلّ مرّة تدفع الرّشوة لحارس الباب... فيدع جيش العدوّ يدخل...

لقد انشغل الصّينيّون ببناء السّور... ونسوا بناء الحارس!!

أن نبني أنفسنا، يعني أن ندرّب أعيننا وأفكارنا وقلوبنا على الرّؤية الصّائبة، والفكر الواعي وإدراك الخطأ ورفضه... وذلك بالعودة إلى الإيمان والصّلاة... وحين نثبت في الإيمان ونكبر بمحبّة الرّبّ وحكمته... حينها فقط يمكن للإيمان الّذي فينا أن يهزم الطّبيعة البشريّة الخاطئة الّتي ولدنا فيها...

لذا يأتي بناء الإنسان أوّلًا... قبل بناء أيّ أمر آخر في المدينة!! ويقول أحد المستشرقين: لهدم الحضارة ثلاث وسائل: هدم الأسرة، وهدم التّعليم، وإسقاط القدوات والمرجعيّات...

الثبات, الصلاة, الإيمان, الأسرة, الحارس, البناء , الطبيعة البشرية