كتب يتاريخ . نشر في أحداث

زواج القاصرات

زواج القاصرات

لا يوجد في قلوبهم رحمة... قتلوا أحلامنا... قتلوا كلّ شيء فينا... لقد دمَّرتم أحلامي...... دمَّرتموها كلّها......

زواج القاصرات هو لعنةٌ تلاحق الفتيات في الوطن العربي بصفة عامّة. وتكثر نسبته في المناطق الرّيفيّة بحيث تبلغ هذه النّسبة ضعف نسبة الزّواج المسجّلة في المناطق المتحضرة.

وتنتشر هذه الظّاهرة في مناطق العراق والسّودان واليمن وفلسطين وموريتانيا ومصر، بحسب إحصاءات برنامج الأمم المتّحدة والّتي أوضحتْ بأنّ أكثر من ١٤ مليون فتاة قاصر ستتزوَّج في الفترة ما بين ٢٠١١ و٢٠٢٠، وأن ٥٠٪ منهن تحت سنّ أل ١٥ سنة.

وتقع الفتيات ضحيَّة الزّواج المبكر هذا، والّذي بسبب لهنّ أضرارًا من النّاحية الطّبّيّة والنّفسيّة على السّواء...

وتواجه الفتيات القاصرات مخاطر في الحمل والولادة، وتُظهر الإحصاءات أنّه يوجد ٧٠ ألف حالة وفاة سنويًّا بسبب الزّواج المبكر... هذا بالإضافة إلى حرمانهنّ من التّعلُّم وتعرّضهنّ للإستغلال والعنف المنزلي، ممّا يسبّب لهنَّ الإضطرابات النّفسيّة والإكتئاب، والوسواس القهريّ وانفصام الشّخصيّة...

لكنّ فتاة يَمَنِيِّة تدعى ندى الأهدل (كانت ذات ١١ عامًا عندما) تمرَّدَتْ على هذا الواقع، حين ظهرت في شريط مسجّل على اليوتيوب لمدَّة دقيقتين، تشرح فيه الضّغوط الّتي مارسها عليها أهلها لإجبارها على الزّواج... وقد تحدّثت فيه عن فرارها من أهلها كي تتجنّب هذا الزّواج القسريّ، الأمر الذي تسبّب بضجّة إعلاميّة كبيرة، فانتشر بشكل كبير ليحصل على أكثر من ٧ مليون مشاهدَة خلال ٣ أيّام ويُترجَم إلى الإنكليزيّة...

تنتمي ندى إلى عائلة متواضعة الحال وبسيطة في صنعاء... ولعائلة ندى تاريخ حافلٌ في زواج القاصرات، إذ تزوّجت خالتها وهي بعمر أل ١٢ عامًا لتنتهي حياتها بإحراق نفسها نتيجة المشاكل الزّوجيّة...

وتروي ندى قصّتها وتقول بأنّ أهلها حاولوا تزويجها وهي في سنّ العاشرة، إلّا أنَّ عمّها تدارك الموقف ومنع إتمام ذلك الزّواج... ومن ثمّ أخذها لتعيش عنده في المنزل. إلّا أنَّ الوالد قرَّر تزويج ندى مرّةً أخرى وبدون عِلمِ العمّ... فقام بزيارة أخيه وطلب إليه أن يصطحب ندى معه بحجّة زيارة أمّها وإخوتها... وفيما بعد، وخلال تواجدها في منزل ذويها، فوجئَتْ ندى بأنّ أهلها يريدون تزويجها مرّةً أخرى... فقرَّرَتْ الفرار ثانيةً إلى عمِّها...

وبالفعل هربتْ ندى ألى منزلل عمّها، إلّا أنّها لم تجده لأنّه كان مسافرًا. عنده إضطرتْ إلى الفرار برفقة إمرأة أخرى إلى مدينة الحديدة حيث كان عمّها موجودًا والتقته هناك... في هذه الأثناء قرَّر الأهل تقديم بلاغ إلى الشّرطة يقول بأنّ الطّفلة تَعَرَّضَتْ للخطف، قبل أن يأخذها عمّها إلى المركز لتوضيح الأمر لهم... لكنّه تعرَّض إلى ضغوط من قِبَل منظّمة "سياج" سَلَّم على إثرها العمّ "ندى" إلى إتّحاد نساء اليمن، ليتراجع والد ندى أمام الدّعوى المرفوعة ضدّه، ويتعهَّد أمام الإعلام بأن لا يزوِّجها قبل أن تبلغ السّنّ القانونيّة، وتقوم وزارة الدّاخلية بتسليم ندى إلى عمّها بشكلٍ رسميّ...

وتقول ندى في شريطها: "لستُ الوحيدة... لا يوجد في قلوبهم رحمة... قتلوا أحلامنا... قتلوا كلّ شيء فينا... يا أمّي إقتنعي منّي... وَيَا أهلي أنا لا أريدكم... لقد دمَّرتم أحلامي... دمَّرتموها كلّها..."

الزواج, العنف الأسري, الزواج المبكر