كتب يتاريخ . نشر في أحداث

لا تمكِّني الأشخاص غير المسؤولين

لا تمكِّني الأشخاص غير المسؤولين

لي الحق بالرفض عندما أشعر أن هناك إستغلال... مساعدة وتعاون دون إستغلال القدرات بين الزّملاء في العمل...

وعلى هذا تقوم الشّركات الكبرى...

كتب الدكتور هنري كلاود:

كريستين كانت مساعدة إداريّة في شركة صغيرة تنظّم دورات تدريب لصالح مصانع متعدّدة. كانت كريستين مسؤولة عن ترتيب هذه الدّورات وإدارة برامج المتكلّمين فيها. مساعدها - جاك - كان مسؤولاً عن تسهيل هذه التّدريبات - نقل المواد المطلوبة إلى مكان التّدريب، تجهيز المعدّات، وطلبات الطّعام. معًا... كريستين وجاك كانا يقومان بإتمام هذه الأحداث.

عملت كريستين عدّة أشهر، وكانت راضية عن عملها... إنّما بدأت تشعر بالتّعب... سألتها زميلتها - ليندا، عن السّبب... لم تقدر كريستين على تحديده في البداية... إنّما أدركت لاحقًا بأنّ جاك هو السّبب...

لقد أصبح جاك يطلب من كريستين أن تحضر بعض الأغراض له في طريقها إلى العمل، أن تعدّ بعض الأمور الّتي هي من مسؤوليّته... وشيئًا فشيئًا كان جاك ينقل بعضًا من متطلّبات عمله إلى كريستين... نصحتها ليندا بأن تضع حدًّا لهذا الموضوع... إنّما كريستين فكّرت: ماذا لو لم ينجح العمل إن رفضت مساعدته؟؟ لكنّ ليندا أقنعتها بالقول أنّ اللّوم عندها سوف يلقى على جاك، لأنّ التّقصير في تلك الأمور هي من ضمن مهام عمل جاك...

وعندما قلقت كريستين لإحتمال انزعاجه جاك، قالت ليندا بأنّه لا بأس بذلك... فغضبه لن يؤذي كريستين بقدر ما يؤذيها تحمّل القيام بأمور ليست من مهامّ عملها... وهكذا اعتذرت مرارًا كريستين عن القيام بما يطلب منها جاك... وعندما كان يفشل... كانت تقول له بأنّ عليه في المرّة المقبلة أن يخطّط وينفّذ بشكل أفضل، وأن ينظّم وقته جيّدًا...

أمّا المدرّبون في تلك الدّورات... فكانوا يغضبون لأنّ تجهيزاتهم غير متوفّرة في الوقت المناسب... والمتدرّبون كانوا يتذمّرون من عدم وجود الطّعام في وقت الإستراحة... فقام مدير العمل بملاحقة الموضوع... وانتهى به الأمر بأن يكلّم جاك بأسلوب حاد... إمّا أن يتحمّل مسؤوليّاته ويقوم بعمله بأفضل طريقة، أو أن يبحث عن وظيفة أخرى... وفي النّهاية، عادت كريستين إلى سابق عهدها وإلى شغفها بعملها، وأصلح جاك أخطاءه، وتحمّل كامل مسؤوليّة مهامّه...

فكريستين قد وضعت حدًّا لإتّكاليّته... والتزمت بتلك الحدود...

ما يريد د. هنري كلاود القول... إن كنت أنت ممّن يعانون من اتّكال زملائهم عليهم... عليك الإنتباه إلى مشاعرك، وأنّ انزعاجك ليس من زميلتك، إنّما ينبع من داخلك... عليك وضع الحدّ لإتّكالها عليك... والأهم، عليك الإلتزام بالحدّ الّذي تضعينه... فتتحمّلين مسؤوليّة عملك فقط، وتقومين بما هو مطلوب منك أنت أوّلاً على أكمل وجه...

فسّري الأمر لزميلتك... وعند طلبها منك أن تقومي لها بأيّ عمل، لك الحقّ بالرّفض... والرّفض بحزم... ولا تتعاطفي مع إنزعاجها أو غضبها... لا تغضبي أنت بالمقابل... فالغضب لا يقاوم بالغضب... حافظي على مسافة المشاعر... إعتذري لأنّ رفضك يزعجها، وقولي بأنّ هذا العمل ليس من مسؤوليّتك، وأنّك تتمنّين بأن تقدر على القيام بعملها أفضل في المرّة المقبلة... وإذا استمرّت بإقناعك، أنهي وقت المناقشة باحترام، ولا تقعي في فخّ التّبرير والأسباب لعدم قيامك بالعمل... فإن وقعت في الفخ، يمكنها إستدراجك إلى إعادة التّفكير في الخضوع لطلبها... لا تدينين لأحد بتبرير ما ترفضينه من أعمال ليست موكلة إليك...

الأشخاص الّذين يتمتّعون بمسؤوليّة زائدة ويعملون إلى جانب زملاء قليلي الإهتمام يعانون من تحمّل نتائج تلكّؤ البعض... يغطّون تقصيرهم، يعوّضون عن غيابهم... وهم لا يستمتعون بالقيام بعمل يحبّونه... إنّما هم في الحقيقة يحمّلون أنفسهم أكبر من طاقتهم، وفي نفس الوقت، لا يساعدون هؤلاء على النّضوج وتحمّل المسؤوليّة... عليهم تعلّم وضع الحدود... وتحديد توزيع المهام...

من ناحية أخرى... في بعض الأحيان، يحتاج بعض الزّملاء إلى مدّ يد العون... حين يكونون من الّذين يتحمّلون مسؤوليّة أعمالهم بشكل تام... وهنا، طبعًا، من الممتاز أن نساعد إذا كنّا قادرين... هذا هو شغف العمل... وعلى هذا تقوم الشّركات الكبرى... مساعدة وتعاون دون استغلال القدرات بين الزّملاء...

الخدمات والتّضحيات هي جزء مهمّ في الحياة... أنّ نعزّز العمل بعدم مسؤوليّة هو أمر مرفوض... درّبي نفسك على التّمييز بين المساعدة البنّاءة والمساعدة النّاتجة عن تلكّؤ... انتظري أن تري المسؤوليّة في عمل من تساعدين... إذا لم تجديها... ضعي حدًّا لذلك...

العمل, الالتزام, المسؤولية, الإتّكالية, الحزم , الزملاء