كتب يتاريخ . نشر في منك لنا

لماذا أعيش؟

لماذا أعيش؟

هل حاولت مرّة أن تسعدي شخصًا، أو أن تواسي حزينًا، أو أن تبتسمي لإنسان بائس، أو أن تقدّمي خدمة بسيطة لمحتاج؟

كان "ريمون" سيّئ الحظّ جدًّا, فقد مات أبوه في الحرب العالميّة و هوما زال طفلًا، ولمّا صار في سنّ السّابعة، حدث زلزال دمّر أغلب أقسام المدينة، ولكنّه نجا من تحت الأنقاض وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة. حين تمّ إنقاذه، قامت السّلطات بالإعلان: إن كانت إحدى العائلات تودّ أن تأخذه للعيش في كنفها، فاختارته أسرة مكوّنة من خمسة أفراد، و لكن سرعان ما مات الوالد، فطلبت الأمّ من "ريمون" - في خجل، أن يبحث لنفسه عن مكان آخر...

و لكنّ الله الّذي لا ينسى أحدًا، لم ينسَهُ ، فأرسل له فلّاحًا عجوزًا فقيرًا، ولكنّه كان حكيمًا جدًّا، فعرض عليه أن يقبله عنده رغم فقره واحتياجه. لم يجد "ريمون" أيّ بديل للقبول... استطاع الفلّاح أن يدخل "ريمون" إلى مدرسة القرية، ولكنّ، كلّ يوم، كان "ريمون" يعود حزينًا من المدرسة .

لاحظ الفلّاح الحكيم ذلك، وفاتحه في الأمر، فقال له "ريمون": إن التّلاميذ الآخرين ينظرون إليّ باحتقار، فملابسي قديمة وشكلي يوحي بالفقر، وأنا غريب بالنّسبة إليهم... ولهم الحقّ في ذلك، فأنا إنسان ليس لي فائدة في هذه الدّنيا... وكلّما تنفرج أزمة، أصاب بأشدّ منها... فلماذا أعيش!

وانفجر باكيًا، فقال له الفلّاح بعد أن طيّب خاطره:

"عندي وصفة سحريّة ستجعل حياتك سعيدة، إن وعدتني بإتّباعها فسأضمن لك السّعادة".

أشرقت عينا "ريمون" وقال له: أعدك.

فقال له الفلّاح الحكيم:

"ساعد كلّ إنسان محتاج للمساعدة دون أن تنتظر منه شيئًا".

 

اندهش "ريمون" من هذه الوصفة السّحريّة العجيبة، كيف تجلب السّعادة!؟ ولكنّه صمّم على تنفيذها .

ذهب إلى المدرسة... وأعطى كرّاسه لزميله الّذي غاب عن المدرسة بسبب مرضه، ...

وعرض عليه أن يشرح له الدّروس، ...

حمل حقيبة زميله المعوّق وأوصله إلى بيته، ...

واشترى الخبز لسيّدة عجوز،... ورجع إلى بيته وهو راضٍ عن نفسه .

 

وظلّ يبحث، كلّ يوم، عن كلّ محتاج ليقدّم له خدمة، وأحبّه الجميع وأصبح أشهر شخص في القرية الصّغيرة.

وتوالت السّنوات، وحقّق نجاحًا كبيرًا، واستطاع أن يكتشف دواءً أفاد الملايين من البشر، وكان دائمًا يشعر بالسّعادة...

هل تعرفين لماذا؟ لأنّه نسي نفسه وهمومه ومشاكله وفكّر في الآخرين وسعد بإسعادهم .

 

يا صديقتي، هل حاولت مرّة أن تسعدي شخصًا، أو أن تواسي حزينًا، أو أن تبتسمي لإنسان بائس، أو أن تقدّمي خدمة بسيطة لمحتاج؟

ثقي بأنّك عندما تفعلين ذلك ستشعرين بالسّعادة، وستدركين معنى حياتك، ولن تسألي ذلك السّؤال: "لماذا أعيش؟ "

لا تنظروا كلّ واحد إلى ما هو لنفسه، بل كلّ واحد إلى ما هو للآخرين أيضًا ( في 2 : 4 )

السعادة, الخدمة, الفقر, الحكيم, معنى حياتك, الوصفة السّحريّة, المحتاج, ساعد