كتب يتاريخ . نشر في منك لنا

أسير العقل

أسير العقل

وكأنّ الأمر صار سجنًا من اثنين، إمّا سجن الأجساد فيما تعيش الرّوح حرّيّتها بالخيال فقط.. أو سجن الرّوح فيما أجسادنا تتحرّك دون حياة... فكيف نحرّر كلاهما؟

نحن سجناء داخل عدّة دوائر، فهناك السّجن الدّاخلي، وهناك سجون أخرى وقيود أخضعتنا لها الحياة، ولكي نخرج من السّجن الكبير، علينا أوّلًا أن نتحرّر من السّجن الّذي فينا.

ولعلّ أخطر السّجون الدّاخلية الّتي فينا الآن هو سجن العقل... فأحيانًا نشعر أنّنا في حصار فكريّ فنجد أنفسنا مكبّلين بنوع من القيود الّتي تعتقلنا فكريًّا.. ومهما كانت أجسادنا حرّة وطليقة تبقى قيود العقل تقيّدنا في داخلنا... من خلالها هذه الأغلال نفكر ونقرر وربّما نُقيّم الأشياء... فهذه السّجون هي الّتي تمنح ختم الصّلاحية أو الفساد لأيّ فكرة نعتنقها أو نفكّر فيها.

إنّ العقل هو "الفلتر" الّذي من خلاله تنفذ إلينا كلّ الأفكار الّتي في ما بعد تتحوّل إلى سلوك... وسلوكنا بدوره يقوم برسم طريقنا.

 وبما أنّ الطّريق يتحدّد نتيجة السّلوك، وبما أن أفكارنا توجّه سلوكنا ، فأفكارنا صارت هي المسؤولة عن طريقنا وسلوكنا، بل وعن حرّيّتنا أيضًا.

فكيف نحرّر أفكارنا؟

علينا أن نحرر عقولنا من احتلال العادات البالية أو الثّقافات الّتي أكل عليها الزّمان وشرب، أو المفاهيم الّتي لم ينزل الله بها من سلطان؟

ولعلّ أوّل خطوة في سبيل تلك الحرّيّة هي أن نراجع "الفلتر" الخاص بنا وننظر إلى المرجعيّة الّتي بها نقيس صلاح الأشياء من عدمه، كما علينا أن نتأكّد من صلاحيّة تلك المرجعيّة، وهكذا نحرّر أرواحنا في داخلنا بإخضاعها إلى "فلتر" صحيح.

فإن أردنا الخروج من سجوننا علينا تحرير عقولنا.... نحرّرها من قيود ماضٍ أليم.، من صور قاتمة أمامنا.. ونوجّه أنظارنا بعيدًا عمّا أعاقنا وأخّر تقدّمنا نحو الأمام.

نحرّرها من كلّ فكر غريب، ونخضعها  لكلمة الله... فكلمته وحدها هي صالحة لكلّ زمان ومكان، ولا تتأثّر بتغيّر الزّمن كما تتغيّر الثّقافات والعادات... فالعادات وقدم الفكر ليست المقياس الصّحيح.. بل إنّ الله لم يقرّها، ودعانا إلى اتّباع كلمته، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) البقرة170)

فإن أردت أن تعرفي إلى أين أنت ذاهبة، وكيف يكون سلوكك، عليك أن تنظري إلى المصدر الّذي منه تستقين أفكارك، فإن كان المصدر سليمًا... سيولد فكر قويم، ويهديك إلى الطّريق المستقيم.

السلوك, الفكر, العادات, السجن, القيود, الطّريق المستقيم