كتب يتاريخ . نشر في منك لنا

الإساءة، الكراهية، كثرة الإنتقاد 2

الإساءة... الكراهية... كثرة الإنتقاد 2

قد خُلِقنا جميعاً مؤهلين لكي نمنح الحب ونتلقّاه. وبقدر ما نمنح الحب، بقدر ما نتلقّى مزيداً منه، تكلّٓمنا في المرَّة السابقة عن الأشخاص

الذين يُسيئون إلى الآخرين، ولماذا يُظهِروا العداء والكراهية من دون سبب، وقد يُكثِروا من إلأنتقاد ويُضمِروا الخُبث في قلوبهم. والآن نبحث عن حلول اذا كانت ممكنة!

يقعُ أحدهم فريسةً لهؤلاء الأشخاص، كما يقع ضحيَّة أفعالهم وتصرّفاتهم الشريرة. لكنَّ هؤلاء (الضحايا)، لديهم مهرباً أو مفراً من هذا الوضع. ومما لا شكَّ فيه أيضاً أنَّ لديهم أذرعاً ترحِّب بهم، وقلوباً تُظهِرُ لهم المحبة، مما يمَكِّنهم من أن يلتجئوا إليها.  كما أنَّ لديهم أماكن آمنة حيث يمكنهم أن يُشفوا، ويجدوا فيها أناساً يقدِّمون لهم المساعدة، ويعيدون إليهم إحترام ذاتهم...

لكن السؤال المهم، "هل لهذا الحب وجود في حياة أولئك الأشرار؟

ومن يجرؤ على الإنتماء إلى دائرتهم الداخليَّة؟

من يكون لهم نِعمَ السَنَد وخير المشجِّع عندما يتعرَّضوا لحالة إكتآب أو ما شابه؟؟

ومن يقدِّم لهم المحبَّة التي هم في أمَسِّ الحاجة إليها – في حين أنهم من الصعب جداً أن يُحَبّوا؟؟"

يقول أحد هؤلاء الأشخاص، "أنا لا أذكر طريقة حياةٍ أكثر بؤساً من تلك التي تكون فيها عالقاً في السمّ الخاص بك."

ويتكلَّم الرسول بولس عن هذا الموضوع بالذات...

 فيقول: "لأني لستُ أعرِفُ ما أنا أفْعَلُه، إِذْ لسْتُ أفعلُ ما أُريدُهُ بلْ ما أُبغِضُهُ فإياهُ أفعل... فالآن لسْتُ بعدُ أفعلُ ذلكَ أنا، بل ألخطيَّةُ الساكنةُ فيَّ. فإني أعلَمُ أنَّه ليسَ ساكِنٌ فيَّ أيْ في جسدي شيءٌ صالحٌ. لأني لستُ أفعلُ الصالحَ الذي أُريدُهُ، بل الشرَّ الذي لستُ أُريدُهُ فإياهُ أفعلُ... وَيْحِي أنا الإنْسَانُ الشقيُّ. مَنْ يُنقِذُني من جسدِ هذا الموتٍ"؟ رومية ٧: ١٥-٢٤

وكما ذكرنا  في المرَّة السابقة، فإنَّ مقاومة إبليس (المُحَرِّك الوحيد لهذه الشرور)، هي الطريقة الفُضلى في معالجة الموضوع...

ومعالجة الحالة هذه تبدأ عندما يقتنع الشخص الشرير بان عليه ان يتغير ويبدأ فعليا بالبحث عن الحلول أو بطلب المساعدة...

وعمليا يتطلب الموضوع حلاّن... نفسي وروحي...

الحل النفسي أولا أن يفهم الشخص نفسه (بمساعدة المختصين أو الأحباء)

 لكنَّ الحلَّ الروحي ممكن أن يكون سهل وكافِ... وِهو أن... نقترب إلى الله، فيتقتربُ اللهُ إلينا.

وعندما يقترب إلينا الله، الذي هو نبعُ ألمَحَبَّة والسلام، ويملأ قلوبنا بها، عندها يبدأ الحلّ. 

وهذا هو الجزء الأصعب في الموضوع لنا – ولا بدَّ أن يكون جوابنا وردَّة فعلنا هي "المحبَةُ والمحبة فقط."

والهدف من هذا هو كسرُ الحلقة وتحويل المسار، كي لا نساهم في نشر المزيد من الضرر. 

والحقُّ يُقال، أننا جميعاً مؤهلين لأن نكون أُناساً نُسيءُ إلى الآخرين ونكرههم ونوجِّه لهم الإنتقاد. ولدينا أيضاً لحظات من مشاعر الخُبث، نريد تفريغها في بعض الأحيان. وإن كنا نريد حقيقةً  فهمَ أولئك الأشخاص القساة في نظرنا، فلا بد لنا من النظر إلى دواخلنا. وعندما نعترف بغرائزنا السيِّئة (ولو ضمنيّاً)، والأعمال التي نميل إلى القيام بها عندما نتعرَّضُ للأذى، عندها نستطيع فهم أولئك الأشخاص بشكلٍ أفضل... ونقدم المحبة

والرسالة التي نريد أن نتلقّاها اليوم... هي لي ولكم... وهي أن نكون على بيِّنة أين نُفرِغُ إساءتنا... ولنتعامل مع هذا الموضوع بطرقٍ سليمةٍ بدلاً من إطلاقها عشوائياً نحو الآخرين. ودعونا نفكِّر ملياً ونبحث عن السبب  الذي قادنا إلى حالة الإضطراب والقلق، قبل أن ننشر كلماتنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أو تقفز إلى الحالة القصوى من الغضب، فنؤذي زوجةً أو طفلا أو حتى نركل  كلباً. ولنطلب المعونة ونصلّي لكي يعطينا الله السيطرة على النفس، وحلّاً سليماً يجلب السلام الداخلي إلى نفوسنا بدلاً من الهيجان والإضطراب.

فالعالم لا يحتاج إلى مزيدٍ من الخُبث والدناءة. ما يريده عالمنا هو مزيدا من الأشخاص الذين يرغبون في النظر إلى سلبيَّة الماضي لكي يُميِّزوا أين هي جذور هذه التصرفات السيِّئة. وقد خُلِقنا جميعاً مؤهلين لكي نمنح الحب ونتلقّاه. وبقدر ما نمنح الحب، بقدر ما نتلقّى مزيداً منه، وعندما نعيش على هذه الطريقة، نحن نخلقُ دورةً جديدةً، ألا وهي دورة الحب التي تستطيع أن تتفوّٓق على كل شرّ، وتمدنا بالفرح وبالأمل بدلاً من الغضب والألم – ننقل النور المطلوب إلى عالمٍ مظلم.

الموت, الحب, السلام, الهدف, الكراهية, الموضوع, الحل, العداء