كتب يتاريخ . نشر في منك لنا

محاكمة الآخرين... تغلَّبي عليها

محاكمة الآخرين... تغلَّبي عليها

إنَّه لمن دواعي سروري وفرحي أن يمتنع الإنسان عن محاكمة الآخرين. ولسوء الحظ، فإننا جميعاً نصدِرُ أحكاماً على الآخرين في لحظةٍ معيَّنة وبطريقةٍ ما...

إنَّ الطبيعة البشريّة التي تصدر الأحكام على الآخرين، تسبب الكراهية وتضع حاجزا بين الأشخاص، وتخلق نوعاً من الإنقسام بينهم. وهناك ثقافات وحضارات مختلفة يصعب معها في بعض الأحيان قمع تلك الرغبة.

وأنا أعلم أنَّ كل واحد منا يعتبر نفسه الأفضل والأكثر تميّزاً، لكن... إن كنا نفضل تجنّب إصدار الأحكام، فإنَّ التوقف عن مقارنة أنفسنا بأي شخص آخر، هي الخطوة الأولى والمهمة في هذا السياق.

وهنا بعض الأسباب والنصائح للتغلّب على عادة الحكم على الأشخاص الذين هم من حولنا. 

ليس لدينا كل الحقائق

مع الأسف، هناك كثيرون يعمدون إلى إصدار الأحكام من دون معرفة الحقائق الأكيدة. وإن كنا لا نريد أن نبدو كذبة، علينا أن نتعوَّد على الإبتعاد عن إصدار الأحكام، حتى نجد الحقائق الأكيدة عن الحادثة. وبعد أن يظهر كل شيء بوضوح، نقرِّر عندها ما الذي سنفعله. والأمر يعود لنا، سواء بإصدار الأحكام ضدهم، أو محاولة مساعدتهم للتعامل مع الموقف. 

إنَّ وضع كل شخص منا يختلف تماماً عن وضع أي شخص آخر

لكلٍ منا طريقته الخاصة في الحياة. وهناك عائلات متعدِّدة وطبيعة حياتهم مختلفة. فمن الخطأ أن نصدر الأحكام ضدهم خصوصاً أنَّ وضعنا لا يشبه وضعهم على الإطلاق. ولأننا لا نعلم ما الذي يجري معهم... وإن كنا قد مررنا بالإختبارات ذاتها، علينا أن نتخيَّل الظروف التي أحاطت بهؤلاء الأشخاص، وقادتهم إلى أن يتصرَّفوا هكذا. أذا المطلوب أكثر من هذا... علينا أن نمد لهم يد المساعدة بدلاً من الحكم عليهم. 

علينا أن نأخذ " طريقة التفكير كعادة سيِّئة " بعين الإعتبار...

إنَّ الشيء الأوَّل الذي علينا فعله هو تفهّم طبيعة التفكير. هذا الفكر المزعج الذي يتحوَّل إلى عادةٍ مدمِّرة تحكم على الآخرين. وبالتالي، فإننا نفقد أصدقاءنا، وتفتقد إلى السعادة والإحترام إذا استمرينا في إصدار الأحكام. علينا أن ندرك أننا لسنا في حالة الكمال. فالبشر جميعهم يعيشون على الكوكب ذاته، يتنشقّون الأوكسجين ذاته، ولديهم التركيبة البشريّة ذاتها. والفارق الأساسي بينهم هو الإنسان الداخلي الذي يتفرَّد به كل إنسان بمفرده. وإن اعترفنا بهذه الحقيقة... سوف تُتاح لنا الفرصة لكي نُقنِع ذواتنا أنَّ عادة الحكم على الآخرين هي عادة سيِّئة.

الإنتقادً الذاتي أولا...

هل لدينا كامل الحق أن نصدر الأحكام على الآخرين؟ أنا أعتقد بأن الجواب هو "كلا". كما أعتقد أنه يجب علينا أن ننظر إلى أعماق نفوسنا اولا ...ونسأل الأسئلة الصعبة، لكي نجد الأسباب التي تدفعنا لإصدار الأحكام. وهذه الأسئلة قد تساعدنا على اكتشاف طبيعة شخصيّتنا، وكل التناقضات التي تدور في فلك عالمنا الداخلي. قد نكون نعاني من الغطرسة والنفاق... اللذان هما الدافع الأساسي لإصدار الأحكام.

لنسامح الآخرين

أعلم أنَّه من الصعب أن نتوقف عن المحاكمة... لكننا نستطيع أن نستبدل المحاكمة بالمسامحة. أليس كذلك!!

فالأشخاص الذين يصدرون الأحكام يميلون إلى حمل الأحقاد تجاه الأشخاص الذين لا يحبونهم. ويجدون صعوبة كبيرة في مسامحتهم. وإن كنتِ من أولئك الأشخاص الذين أُسيءَ إليهم، فإنَّ المسامحة هي طريقة... قويَّة... وفعّالة لإزالة الأحكام. لكن أولاً، عليكِ أن تطوري مقدرتكِ على مسامحة نفسكِ؛ ثم مسامحة الآخرين... ومع مرور الوقت، فإنَّ هذا سيساعدكِ على التخلّص من عادة إصدار الأحكام، وعلى بناء علاقاتٍ أكثر قبولاً وحباً تجاه نفسكِ وتجاه الآخرين.

علينا أن نسجِّل هدفاً لكسر هذه العادة

إن كنا قد تعوَّدنا على عادة إصدار الأحكام، علينا أن نعمل ما بوسعنا لكسرها. ولنثق بأنه لدينا القوَّة الكافية لكي نتغلّٓب على هذه العادة السيِّئة. وأظن أنه من الأفضل لنا أن نُشرِك أنفسنا في أنشطةٍ متعددة وذات معنى او العمل التطوعي لأي عمل انساني... لنُشغِل ذواتنا إلى أقصى الحدود بامور صالحة ذات منفعة... عندها لن يكون لدينا متّسعاً من الوقت للتفكير بشؤون الآخرين الداخلية. لأن هذا سيساعدنا على استبدال الأفكار السلبية بمصالح وواجبات جديدة. 

كل ما سبق ذكره يحتاج إلى الرحمة...

إنَّ الرحمة ليست دليل ضعف. إنها ميزة تشفي القلوب وتولِّد الحب والخير. وعندما نشعر بالرحمة نحو الآخرين، فإننا أوتوماتيكياً نسعى لإيجاد طريقة لمساعدتهم. كذلك فإنَّ الرحمة لا تشبه الدواء الذي يساعدنا على التخلّص من الحاجة إلى الحكم والإنتقاد.

علاوةً على ذلك، علينا أن نتخيَّل مشاكل وصعوبات الحياة التي واجهها هؤلاء الأشخاص.

وهذه الميزة أي ميزة الرحمة، ستجعل منا أناساً حكماء ونبلاء، كذلك ستحوّلنا إلى أناس رائعين.

الفكر, الحب, الحقيقة, الرحمة, الإختلاف, محاكمة الآخرين