كتب يتاريخ . نشر في مملكتك

تنشئة الأولاد (1)

تنشئة الأولاد (1)

تقول دراسات علم النّفس الإجتماعيّ أنّ بعضًا من تصرّفات الأهل الّتي يرونها صغيرة أو ربّما مضحكة نوعًا ما، تحفر في أذهان أطفالهم مع تكرارها... يكبرون... وتكبر معهم، محوّلة صفات جيّدة إلى تصرّفات يمكننا بتسميتها " صفات مرضيّة"...

في مواقف مختلفة... نعطي إجابات... أو نقدّم حلول... أو حتّى نقوم بردّات فعل نراها عاديّة... ولكن من ناحية لا نراها نطبع في أذهان أطفالنا أمورًا يمكن أن تؤذيهم في المستقبل... دون قصدٍ منّا... هذا الأمر قد يودي بأولادنا في معظم الأحيان إلى أن يكبروا حاملين في أنفسهم أذى نفسيّ يعكّر نشأة سليمة سليمة...

أودّ أن أشاركك ببعض الأمثلة على تصرّفات نقوم بها نحن الأهل، وهي إن تجنّبنا تكرارها، نجنّب أولادنا اكتساب خصال غير صحّيّة من الناّحية النّفسيّة الإجتماعيّة... سلوكيّات في التّربية، نضعها جانبًا ونستبدلها بأمور أخرى أكثر فعاليّة... وأقلّ ضررًا على أطفالنا...

مثلًا، لو أتى ولدي يخبرني بأنّ رفيقه قام بضربه في المدرسة، أقول: ماذا فعلت له حتّى ضربك؟!

تكرار هذا السّلوك، من المحتمل أن ينشىء راشدًا يعاني من جَلد الذّات، فيلوم نفسه على كلّ ما يحصل من حوله... ويشعر بالذّنب إن حصل مكروه... أيضًا، لغة الإهمال واضحة في إجابتي له، والإهمال يعتبر نوعًا من أنواع العنف اللّفظي تجاه الأطفال... وهذا العنف طبعًا يؤثّر على نموّ الدّماغ ووظائف خلاياه...

مثل آخر... حين أعاقب ولدي، يسألني: ماذا فعلت لأنال هذا العقاب؟! أجيبه: فكّر جيّدًا... واكتشف بنفسك ماذا فعلت لتستحقّ هذه العقاب...

تكرار هذه الحالة، تساهم في أن يكبر ولدي ليصبح راشدًا يعاني من "كثرة التّفكير"... يعاين من الحذر الشّديد خاصّة عند الحاجة إلى اتّخاذ أيّ قرار إن في عمله أو حياته... أفضل ما أفعله عندما يخطىء ولدي هو أن أجلس معه وأشرح له خطأه...

حالة أخرى، إن تكرّرت، تتسبّب في ما بعد بمشاكل لدى الأطفال... إن عبّر لي ولدي عن حزنه أو عدم راحته تجاه أمر ما... أسرع بالرّدّ: لا تحزن... هذه لك، وأعطيه الحلوى مثلًا أو الشّوكولا... أو أقوم بالتّرفيه عنه لأنسيه حزنه...

في هذه الحال، أعلّم ولدي على حلّ المشاكل بتناول الطّعام... ما يؤدّي في عمر المراهقة إلى اضطرابات في أوقات تناول الطّعام... وهذا في معظم الأحيان يؤول إلى أمراض مثل "الشّره المرضي" (bulimia).. أو عكسه وهو "فقدان الشّهيّة" (anorexia)...

أمّا التّرفيه في حالة الحزن يصل بالطّفل إلى الهروب من المشاكل إلى مكان ينسيه إيّاها... فلا يأخذ على عاتقه المسؤوليّة في ما بعد.. أو لا يحاول حلّ الأزمات الّتي قد تواجهه في الحياة... أفضل تصرّف أقوم به هو أن أسأله عن سبب حزنه... فيعبّر عنه... ولا يحصره في نفسه... ونجد معًا الحلّ للمشاعر السّلبيّة...

نلتقي مجدّدًا في مقال آخر يتناول حالات أخرى قد تؤذي أولادنا... كلّ هذا لنبني جيلًا أفضل... ونفتخر بأولادنا حين يكبرون أشدّ افتخار... ولكن أهمّ ما في الأمر أن نمنحهم السّلام الدّاخليّ واحترامًا لذواتهم من خلال تربيتنا لهم...

السلوك, التصرف, الإهمال, الشعور بالذنب, التربية المنزلية, تنشئة الأولاد, سلوك الأهل, التعامل مع الأولاد, النمو النفسي, علم النفس الإجتماعي, جلد الذات, العنف اللفظي