كتب يتاريخ . نشر في مملكتك

أنقذي نفسك أوّلًا

أنقذي نفسك أوّلًا

عندما أضع قناع التّنفّس أوّلًا... هذا يعني أنّه عليّ أنا أن أدرك جيّدًا الحاجة الّتي عليّ أن أملأها في نفسي... ومن ثمّ أستطيع أن أمنحها للآخرين...

"على متن الطّائرة... أمّ وابنتها تتجاذبان أطراف الحديث... تضحكان معًا... وفجأة... تضطرب الطّائرة بسبب مطبّ هوائيّ... وتسمعان صوت القبطان يتوجّه إلى الرّكاب، طالبًا منهم وضع أقنعة الأوكسجين... تنظر الأمّ إلى القناع في يدها.. وتنقل نظرها بين القناع وبين ابنتها الّتي تشعر بهلع شديد... تحتار الأمّ... تلبس القناع ثمّ تساعد ابنتها وتهدّأ من روعها؟! أم تضع القناع على فم ابنتها، وبعدها تهتمّ بنفسها؟! لا تعرف ما تفعل... وليست قادرة على اتّخاذ قرار سريع..."

آمل ألّا يحدث هذا الموقف لي... لكنّني شئت أم أبيت، لقد مررت بظروف تستدعي أن أضع قناع التّنفّس لنفسي أوّلًا... إلّا أنّني في معظم الأحيان أنسى أن أتنفّس... في أكثر الأحيان، أنشغل بتشجيع الآخرين... وأنسى أن أشحن نفسي... أنشغل بمساعدة الآخرين وأنسى مساعدة نفسي...

أنسى أن أرتدي قناع التّنفّس أوّلًا لأنّني ربّما، أعتقد أنّ أمرًا كهذا هو مجرّد "أنانيّة"... ولكنّني أنسى تعريف الأنانيّة... هي شعور لدى شخص يعتقد بأنّ العالم متمحور حوله فقط! لذلك، فإنّ وضع القناع لنفسي أوّلًا، ليس أنانيّة... بل إنّه دليل على قدرتي ونموّي الكافيين بأن أدرّب شخصي أنا على الإهتمام بذاتي... ومن ثمّ أستطيع أن أهتمّ بالآخرين...

أن أهتمّ بنفسي، ليس أنانيّة أبدًا... بل إنّه اعتماد نفسي عليّ... إنّه إدراكي بأنّني أنمو.. وأستخدم طاقتي.. وأوظّف قدراتي... وذلك بهدف ازدياد استطاعتي لأمنح الآخرين من نفسي...

كيف لي أن أعطي الآخرين ما لا أملك؟!

كيف لي أن أقدّم السّعادة في تعاملي معهم وأنا لم أختبر السّعادة؟!

كيف لي أن أساعدهم على الإستمتاع بالفرح، وأنا نفسي بحاجة إلى هذه المساعدة؟!

كيف لي أن أمنحهم الحبّ وأنا لا أشعر به في داخلي؟!

عندما أضع قناع التّنفّس أوّلًا... هذا يعني أنّه عليّ أنا أن أدرك جيّدًا الحاجة الّتي عليّ أن أملأها في نفسي.. ومن ثمّ أستطيع أن أمنحها للآخرين... هذا يعني بأنّني أعلم أنّه عليّ التّنفّس جيّدًا حتّى أستطيع أن أعيش، وبعدها يمكنني أن أمدّ الآخرين بالمساعدة، طالما أنا في حال جيّدة، وأتمتّع بالقدرة الكافية والقوّة لمدّ يدي إليهم عندما يقعون في مأزق... عليّ أن أشحن طاقتي جيّدًا، لأتمكّن من مدّ الآخرين بالطّاقة الإيجابيّة...

بعضنا يشعر بتأنيب الضّمير إن أخذنا بعض الوقت للإهتمام بأنفسنا... إذ من المرجّح أن يكون هذا عملًا أنانيًّا... لكن... من الممكن أن نوجد مع أشخاص من أهلنا أو أصدقائنا، إنّما وجودنا مجرّد مظهر... وما نفع هذا الوجود إن لم نشحن محيطنا بطاقة إيجابيّة؟!

لهذا... إن أردت تمضية الوقت مع أولادك، كوني أكيدة بأنّك تمنحيهم أسمى ما لديك من طاقة ومحبّة واهتمام... لا مجرّد وقت ضائع... وهذا ما يجعلك بحاجة إلى وقت لنفسك أنت... تهتمّين بنفسك... وتخرجين بأبهى حلل لطاقة خارقة... حتّى مع الأشخاص الآخرين... خذي نفسًا عميقًا... أمضي وقتًا مع ذاتك... واكتشفي خبايا قدراتك على العطاء، حتّى حين تقدّمين من نفسك إليهم، تقدّمين الأفضل...

ضعي قناعك أوّلًا... تأكّدي من أنّك في معزل عن الخطر، لتساعدي الآخرين في أوقات حاجتهم إليك...

مخطىء من قال بأنّ من يهتمّ بنفسه جيّدًا في سبيل تقديم الأفضل لمن حوله يكون أنانيًّا...

السعادة, المحبة, الأنانية, الإهتمام, مساعدة الآخرين, شحن الطاقة, اتخاذ قرار